Pages

Sunday, April 25, 2010

حياة البدو

إن حياة البدو له أهمية كثيرة في الأدب العربي والتاريخ والحضارة العربية وخاصة في الايام الجاهلية إن البدويون قد لعبوا دورا بارزا في إثراء حضارة العربية وإيتاء الإسلام قوة وسطوة وفي هذا المقال سألقي الضوء علي صفاتهم وأخلاقهم وحياتهم الإجتماعية و الدينية و العقلية و الإقتصادية .
تعريف البدو
تُعرّف "الموسوعة العربية العالمية" البدو بأنهم : مجموعة من البشر يعيشون حياة الترحال، وعدم الاستقرار في مكان بعينه، ويعيشون حياتهم التقليدية في الصحراء، بحثاً عن الماء والمرعى لجمالهم وأغنامهم، ويعيشون في خيام مصنوعة من جلود وشعر حيواناتهم، ويعتمدون في غذائهم في الغالب على منتجات الألبان والتمور والأرز. ويقايضون اللحوم، ومنتجات الألبان مع سكان القرى المجاورة للحصول على الخناجر والأواني والبضائع المصنعة الأخرى.
والبدو شديدو الاعتزاز بكرامتهم، ويعتمدون على أنفسهم إلى درجة بالغة، ويعيشون حياتهم ملتزمين بالصفات الأخلاقية، وبقيم الشجاعة والكرم، والولاء للقبيلة، وبالضيوف والغرباء، وقد تؤدي إهانة الكرامة أحياناً إلى صراعات دموية بين القبائل
ويفتقر هذا التعريف إلى الشمول، إذ أغفل جماعات من البدو تعتمد على تربية الأبقار أيضاً، مثل قبائل "البقَّارة" في السودان، حيث تمتلك قبيلتان فقط، هما الزريقات والمسيرية، ما يتراوح بين ثلاثة ملايين وأربعة ملايين رأس من الأبقار ؛ كما أغفل التعريف ذاته قبائل "الطوارق" و"البنتو" التي تربي نوعين رئيسين من الحيوانات هما الإبل والماعز، فالماعز يتكيف بشكل إيجابي مع المرتفعات والأودية، وهذه القبائل تعيش في بيئة جبلية (جبال الهوقار). وهناك بدو البحر وبدو الجبل.
أما "محمد زهير مشارقة" (1971) في بحثه "الحياة الاجتماعية عند البدو" فقد تبنى تعريف البداوة كما وضعه جمال المحاسب : البداوة حالة من حالات الاجتماع، معروفة في الصحارى، كما هي معروفة في الصحراء العربية، وهي ذات وظـيفة اقتـصادية، لأن جـماعة البـدو، يسـتفيدون من المـراعي الواسعة ويفيدون ؛ فهم يمسحون المساحات الواسعة من العشب الأخضر، ليقلبوها بفضل مواشيهم إلى لبن سائل، أو جبن جامد، ثم ينقلونه إلى أهل الحضر. والبدو يحبون التجول في البادية، رغم وحشيتها، فيمسحونها لإطعام الإبل والغنم التي هي سبب رزقهم، ومركز عنايتهم
وهذا التعريف، إضافة إلى أنه يتفق مع التعريف السابق في إغفال البدو من مربي الأبقار والماعز، يغفل، من حيث الوظيفة الاقتصادية لدى البداوة، نشاطات تجارية تؤديها البداوة عن طريق القوافل، لاسيما في شمالي إفريقيا، حيث ازدهرت تجارة القوافل بين شمال إفريقيا وجنوب صحرائها، فقد كان "الطوارق" ينقلون الملح الصحراوي إلى شبه الصحراء وإقليم السافانا، ويقايضونه بالحبوب. وتكمن قيمة تعدد التعاريف في أنه أبرز الطابع الاقتصادي الدينامي في حياة البدو.
ومن جهتنا، فإننا نميل إلى إبراز الخاصية الأساس التي تميز البدو من وجهة نظر علم الاجتماع، وهي الترحل وعدم الاستقرار، بغض النظر عن أنواع الماشية التي يربونها، والدور أو الأدوار الاقتصادية التي يمارسونها، وهذه الخاصية تشمل البدو في المشرق (الجزيرة العربية والعراق والشام)، كما تشملهم في شمال إفريقيا من السودان إلى موريتانيا
نظام القبيلة
أسرة واحدة كبيرة تنتمي إلى أب وأم واحدة،ولها شيخ هو سيد القبيلة،ومن وظائفه الفصل بين المتخاصمين وسيادته مستمدة من احترام وإجلال القبيلة له و علاقة القبائل تقوم غالبا على العداء،فالقبيلة إما مغيرة أو مغار عليها،إلا أن يكون بين بعض القبائل حلف أو مهادنة.ولكل قبيلة شاعر أو أكثر يرفع ذكرها،ويتغنى بمفاخرها،ويهجو أعداءها،وكل فرد في القبيلة متعصب لقبيلته، مادح لمحاسنها،وعلى القبيلة أن تحميه، وتدافع عنه،وتطالب بدمه،فالفرد من القبيلة و إليها،حتى ليقول قائلهم
وما أنا إلا من غزية إن غوت غويت وإن ترشد غزية أرشد
الحياة الأجتماعية
إن سكان البدوهم أغلب سكان الجزيرة،وعيشتهم قائمة على الإرتحال و التنقل وراء العشب و الماءومن ثم سكنوا الخيام المصنوعة من الوبر و الشعر والصوف،وقد أكثر الشعراء في وصفها و الوقوف أمام أطلالها (ما بقي من أحجار بعد رحيل سكانها) ،وأكثر طعام أهل البادية: الحليب و التمر،والإبل عماد حياتهم،يأكلون من لحومها،ويشربون من ألبانها،ويكتسبون من أوبارها،ويحملون عليها أثقالهم،ولقد قوموا بها الأشياء،وافتدوا بها أسراهم في الحروب: وقال فيها شعراؤهم القصائد الطويلة،كما كانوا يعنون بالخيل، فاستخدموها في الصيد و السباق والحروب،وكانت متاع المترفين،لذلك ورد فيها أقل مما ورد في الإبل.
وكانت العلاقة بين القبائل العربية علاقة عداء،فسادت الحروب حياتهم وانبعثت من خلالها صيحات السلام، وظهرت عاطفة الإنتقام و الأخذ بالثأر،وكثر في أشعارهم وصف الوقائع و الفخر بالإنتصار والحرص على الشرف،ومن أجل ذلك سادت الأخلاق الحربية فيهم،وهي الشجاعة والكرم والوفاء،ومارس العرب من متع الحياة الصيد،وتفشت بينهم عادة شرب الخمر و لعب الميسر،وخاصة بين المترفين منهم،وقامت حياة العربي في الصحراء على أساس الاعتماد على النفس،ومواجهة الحياة بخيرها وشرها.وشاركت المرأة الرجل في كثير من شؤون الحياة ،وفي الحروب كن يخرجن لإثارة الحماسة،ومما يدل على مكانتها،أنه لا تكاد تخلو قصيدة من الافتتاح بذكرها والتغزل بها
الحياة العقلية
العلم نتيجة الحضارة، وفي مثل الظروف الاجتماعية التي عاشها البدو،لا يكون علم منظم،ولا علماء يتوافرون على العلم، يدونون قواعده و يوضحون مناهجه إذ أن وسائل العيش لا تتوافر،ولذلك فإن كثيرا منهم لا يجدون من وقتهم ما يمكنهم من التفرع للعلم، والبحث في نظرياته وقضاياه
وإذا كانت حياة العرب لم تساعدهم على تحقيق تقدم في مجال الكتب والعمل المنظم،فهناك الطبيعة المفتوحة بين أيديهم،و تجارب الحياة العملية وما يهديهم إليه العقل الفطري،وهذا ما كان في الجاهلية،فقد عرفوا كثيرا من النجوم ومواقعها،والأنواء وأوقاتها،واهتدوا إلى نوع من الطب توارثوه جيلا بعد جيل،وكان لهم سبق في علم الأنساب والفراسة،إلى جانب درايتهم القيافة والكهانة،كما كانت لهم نظرات في الحياة. أما الفلسفة بمفهومها العلمي المنظم،فلم يصل إليها العرب في جاهليتهم ،وإن كانت لهم خطرات فلسفية لا تتطلب إلا التفات الذهن إلى معنى يتعلق بأصول الكون،من غير بحث منظم وتدليل وتفنيد،من مثل قول زهير:
رأيت المنايا خبط عشواء من تصب تمته ومن تخطئ يعمر فيهرم
واكبر ما يتميز به العرب الذكاء وحضور البديهة وفصاحة القول لذلك كان أكبر مظاهر حياتهم الفكرية: لغتهم وشعرهم وخطبهم ووصاياهم و أمثالهم.
الحياة الدينية
كان معظم العرب وثنيين يعبدون الأصنام ، ومن أصنامهم (هُبَل واللات والعزّى ومناة) هذا إلى جانب أصنام خاصة يقتنونها في المنازل ، وكان أحدهم ربما صنع له صنماً من التمر أو العجوة ، فإذا جاع أكله . ومن العرب من عَبد الشمس والقمر والنجوم ، ومنهم من عَبد النار
وكان قليل من العرب يعتنقون اليهودية والنصرانية ، لكنهم لم يكونوا على بصيرة بحقائق الدين ، على أن فئة من العقلاء لم تعجبهم سخافات الوثنية فعدلوا عن الأصنام وعبدوا الله على ملّة إبراهيم عليه السلام ، وكانوا يسمّون الحنفاء ، وقد سجّل تاريخ الأدب كثيراً من شعر الحنفاء
كانت لبلاد الحجاز أهميتها من الناحية الدينية، ففيها تلاقت جميع الأديان الوثنية وعبدة الكواكب والنار إلى جانب اليهودية والنصرانية، وقد كان بعض العرب يقدّسون الحيوان ويعبدونه لتحصيل البركة ويتسمّون بأسماء الحيوان، أو بأسماء طيور أو أسماء حيوانات مائية أو بأسماء نباتات أو بأسماء أجزاء من الأرض أو بأسماء حشرات، فهذه الأسماء تدل على تقديس العرب للحيوانات والنبات إلى جانب تفاؤلهم بها، كذلك كانوا يتعمدون تسمية أبنائهم بمكروه الأسماء وتسمية عبيدهم بمحبوب الأسماء، وكانت هذه التسميات تتسم بطابع الحياة التي كان يعيشها المجتمع العربي آنذاك.
ومن اللافت للانتباه أنّ العربي في تلك الحقبة كان يتجنب قتل بعض الحيوانات اعتقاداً منه أنه لو قتله جوزِيَ بقتله، بالإضافة إلى ذلك، فإنه كان يتفاءل ببعض الطيور كالحمام ويتشاءم من بعضها كالغراب، وأكثر من ذلك، فإنه كان يؤمن بوجود قوى خفية روحية مؤثرة في العالم والإنسان، وهذه تكمن في بعض الحيوانات والطيور والنبات والجماد وبعض مظاهر الطبيعة المحيطة به كالكواكب، الأمر الذي أدى به إلى أن يربط بين هذه الكائنات والموجودات وبين القوى الخفية.
ولكن هذه الحالة الاعتقادية ما لبثت أن تطورت ممثلة بالوثنية التي تجاوزت حدود المعقول، وأدت إلى عبادة قطع من الصخور التي كان يستحسن مظهرها وهيئتها، وهذا بدوره أدى إلى نسج الأساطير والقصص بالموجودات التي تحيط به، كالجبال والآبار والأشجار.
ولم يكن تقديسه لهذه المظاهر الطبيعية وعبادته لها باعتبارها تمثل أرباباً، ولكنه كان يشعر تجاهها بنوع من الإجلال والتقدير، وقد تنوّعت طرق تعاطيه معها، فتارة يقدسها، وأخرى يستقسم بها وثالثة يأكلها حين الجوع…
أ ـ عبادة الأصنام والأوثان
كان العرب في الجاهلية يعبدون الأصنام والأوثان والأنصاب التي تحوّلت كما يبدو إلى أصنام، وكانت الأصنام على أشكال متنوعة، منها ما هو على صورة إنسان أو حيوان أو طير، ومن أشهرها (ود، وسواع، ويغوث، ويعوق، ونسرا، واللات والعزى، ومنآة، وهبل)
ب ـ عبادة الكواكب والنار
لم تقتصر الحياة الدينية في شبه الجزيرة العربية على عبادة الأصنام والأوثان، بل وجدت بعض الفئات الأخرى التي انصرفت إلى عبادة الكواكب والنجوم بأشكالها المتعددة كالشمس والقمر والزهرة وعطارد والثريا وغيرها وقد عرفت هذه الجماعة بالصابئة التي استمدّت أصولها الاعتقادية كما تدعي بالأخذ من محاسن ديانات العالم وإخراج القبيح منها قولاً وفعلاً، ولهذا سموا بـ”الصابئة”، وقد وجد إلى جانب هؤلاء عبدة النار “المجوسية”، وكانت قد عرفت هذه الديانة عن طريق الفرس في الحيرة واليمن، كما انتشرت الزندقة بين صفوف سكان شبه الجزيرة في الحيرة
والزنادقة قوم أنكروا الخالق والبعث، ومنهم من أنكر الرسالة وأنكر بعث الأنبياء، وإلى جانب هذه النظرات الاعتقادية وعبادة الأوثان، نجد أنه كان للعرب آراء ومعتقدات خرافية، فمثلاً كانت لهم في الجاهلية مذاهب في النفوس، فمنهم من زعم أنّ النفس هي الدم وأن الروح هي الهواء، وزعمت طائفة أن النفس طائر ينبسط في جسم الإنسان فإذا مات لم يزل مطيفاً به في صورة طائر يصرخ على قبره مستوحشاً ويسمونه “إلهام” و”الواحدة”، كما أنهم كانوا يعتقدون بالوهميات كالغول وغير ذلك
الحياة الإقتصادية
كما نعرف أن البدويين كانوا يسكنون في الخيم و كانو دائما يتجولون من مكان إلي مكان أخري في بحث الكلء والماء لأنفسهم و لأغنامهم كان لا يوجد الإستقرار في حياتهم و لهذا تصور المصانع كان عديما في حياة البدو مع أنهم كانو يهتمون ببعض المصنوعات اليدوية ومعظم الصناعات التي كانت توجد في العرب من الحياكة والدباغة وغيرها كانت في أهل اليمن والحيرة ومشارف الشام، نعم، كان في داخل الجزيرة شيء من الزراعة والحرث واقتناء الأنعام، وكانت نساء العرب كافة يشتغلن بالغزل، لكن كانت الأمتعة عرضة للحروب، وكان الفقر والجوع والعرى عامًا في المجتمع‏. إذا نظرنا في طرق معايش العرب‏ فالتجارة كانت أكبر وسيلة للحصول على حوائج الحياة، والجولة التجارية لا تتيسر إلا إذا ساد الأمن والسلام، وكان ذلك مفقودًا في جزيرة العرب إلا في الأشهر الحرم، وهذه هي الشهور التي كانت تعقد فيها أسواق العرب الشهيرة من عُكاظ وذي المجَاز ومَجَنَّة وغيرها‏.‏ .‏
أخلاق البدو
وكانت لعرب الجاهلية أخلاق كريمة ، تمّم الإسلام مكارمها وأيدها . ولهم أخلاق ذميمة أنكرها الإسلام وعمل على محوها
فمن أخلاقهم الكريمة: والوفاء والنجدو وحماية الذمار. ومنها الجرأة والشجاعة والعفاف واحترام الجار والكرم . أما عاداتهم الذميمة فكان منها الغزو والنهب والسلب ، والعصبية الجاهلية ، ووأد البنات وشرب الخمر ، ولعب القمار
وكل ما سجّله التاريخ من عادات العرب وتقاليدهم وأيامهم في حالتي سلمهم وحربهم تجدونه مدوّناً في أشعارهم ، فإذا إردتم أن تعرف خلة أو عادة أو غير ذلك فعليكم بالشعر فإنه ديوان الع رب
أسواق العرب
كان للعرب أسواق كثيرة في نجد والحجاز واليمن وحضرموت . وأشهر تلك الأسواق ثلاثة ، وكانوا يجتمعون فيها في أوقات معينة ، ويمتد اجتماعهم فيها من أول ذي القعدة ويستمر إلى أن يتوجهوا إلى الحج . وتلك الأسواق هي: (سوق عكاظ ، وسوق مِجنّة ، وسوق ذي المجاز)
ولم تكن تلك الأسواق للتجارة فحسب . بل كانت
للتحكيم في الخصومات ومفاداة الأسرى
التشاور في المهمات
المفاخرة بالشعر والخطب وبث الِآراء الإصلاحية من دينية وأخلاقية .
وكان من أشهر المحكمين في الشعر (النابغة الذبياني) ، فقد كانت تُنصب له خيمة من جلدٍ أحمر في عكاظ ، ويعرض عليه الشعراء أشعارهم
وكان لتلك الأسواق آثار عظيمة في اللغة العربية والأدب العربي ، وأهم تلك الآثار أنها عملت على تقريب لهجات القبائل ؛ لأن الجميع كانوا يتخاطبون بلغة واحدة هي اللغة القرشية . وبذلك قويت لهجة قريش حتى كادت تصبح لغة العرب جميعاً ، ثم لمّا نزل القرآن الكريم أصبحت لهجة قريش هي المعروفة الآن باللغة العربية الفصحى . كما أسهمت في ازدهار الأدب ؛ لأن الأدباء كانوا يحرصون على تجويد أدبهم لينالوا رضا الناس وإعجابهم


المراجع والمصادر
تاريخ الأدب العربي لبروكلمان 1
2 تاريخ التراث العربي لفؤاد سزكين
3 فجر الإسلام لأحمد أمين المصري
4 تاريخ اداب العرب لمصطفي صادق الرافعي
5 تاريخ الادب العربي العصر الجاهلي لشوقي ضيف

No comments:

Post a Comment