Pages

Tuesday, March 23, 2010

الأدب المقارن الجزء الأول


(دراسة فى الآداب الإسلامية )

أ.د/ أحمد عبد القادر الشاذلى

عميد كليــة الآداب



بسم الله الرحمن الرحيم

الفصل الأول

مقدمة فى الأدب المقارن

أ- تمهيد :

الأدب المقارن علم حديث يعتمد على المقارنات بين الآداب على أساس التأثيرات المتبادلة لا على الموازنة وهو علم يسعى لإبراز التواصل الثقافي بين الآداب المختلفة ، وقد تتسع دائرة الأدب المقارن لتشمل علاقات الأدب بالفنون الأخرى على أساس وجود روابط وصلات قائمة على التأثر والتأثير.

وقد عُرف الأدب المقارب بهذا الاصطلاح دون غيره من الاصطلاحات ، علماً بأن هذه التسمية في نظر الكثيرين ناقصة ، وقد صار هذا الاصطلاح علماً على الموضوع الذى نحن بصدد دراسته.

اشتهر اسم الأدب المقارن عند العرب فى العصر الحديث بهذا الاسم ، وعُرف عند الفرنسيين باصطلاح (LiteratureCompare) وعُرف هذا العلم فى الإنجليزية باصطلاح (Comparative Literature) وهى الصيغة التى تمنى ليتريه ([1]) (Littre) أن تسود ، وفى الألمانية عُرف علم الأدب المقارن باصطلاح
(Vergleichende Literaturwissem Schaft ) وفى اللغات الشرقية الإسلامية كالفارسية والتركية والأردية عُرف باسم (أدبيات تطبيقى).

وهذا التعريف اللغوى يعد ناقصاً ولكنة ضرورى فى نفس الوقت لسده حاجة وتعبيره عن العلم الذى يدرس المقارنات المختلفة ، وقد ذاع هذا التعريف وانتشر على الرغم من عدم وفائه بالمطلوب كما سنوضح فيما بعد .

وتعريف الأدب المقارن أمر صعب فهو اصطلاح متعب ولا شك فى أن هذا أحد الأسباب التى جعلت هذا النمط من الدراسات الأدبية يلاقـى نجاحـاً أقل مما كان متوقعاًله ([2]) وقد كثرت التعريفات التى تبين أهمية الآداب المقارنة وكل تعريف يحدد جانباً من جوانب الدراسة الأدبية المقارنة أو يجلو تاريخاً لموضوع أدبي مقارن، واختلفت الآراء حول ماهيــة الآداب المقارنة تبعاً لاختلاف المدارس الأدبية والفنية ومدارس النقد فى أوربا ، إلا أن هذا لا يعنى أن ميدان الأدب المقارن ميدان نقدى.

ب: المسميات التى أطلقت على الأدب المقارن

لقد أطلق على الأدب المقارن مسميات عدة لم يشتهر منها سوى هذه الاصطلاح ، فقد أطلق عليه أبل فيلمان سنة 1892 (Apel Villemain) اسم المقارنة الأدبية وان كان الاصطلاح يجعل المقارنة أساساً بين الآداب ، إلا أن هذا قد يظن أنه يشمل المقارنات داخل الأدب الواحد فى اللغة الواحدة .

وقد استعمل جورج كوفييه 1800 (G.Cuvier) اصطلاح "التشريح المقارن" إلا أن جان جاك امبير ( J . J .Ampere) استعمله سنة 1848 باسم "التاريخ المقارن " ([3]) وهو استعمال يقترب من ناحية ويبتعد من أخرى .

وقد أستعمله فان تيجم ومار يوس فرانسوا جويار وجان مارى كاريه وبالدنسبرجر تحت اصطلاح “ تاريخ العلاقات الأدبية الـدولية" ([4])

والمدرسة الألمانية تستخدم اصطلاح " تاريخ الأدب المقارن " ويذكر جويار أن أول من استخدم " تاريخ الآداب المقارنة " أمبير ثم سانت بيف 1871 وأن بوسنيت أصدر كتاباً بعنوان الأدب المقارن سنة 1886 ، وفى العام نفسه بدأ أدوار رود فى جنيف تدريس تاريخ الآداب المقارنة كما أصدر ماكس كوش فى ألمانيا مجلة الأدب المقارن فى السنة نفسها ([5]) .

ويرى أستاذ الأدب المقارن العربى د . محمد غنيمى هلال ([6]) أن الأفضل أن يسمى " التاريخ المقارن للآداب " أو تاريخ الأدب المقارن ".

ولكن اصطلاح " أدب مقارن " أصبح الاصطلاح الأكثر ذيوعاً وانتشاراً فى جميع اللغات سواء الأوربية أو الشرقية .

جـ - الأدب و المقارن

إن الأدب المقارن اصطلاح مكون من لفظين اثنين هما :

الأدب ، والمقارن ، وطالما نتحدث عن المفاهيم فلنعرض مفهوم الأدب ، ومفهوم المقارن .

(أ) الأدب

الأدب - كما عرفه الأوربيون - كل ما يثير فينا بفضل خصائص صياغته احساسات جمالية أو انفعالية عاطفية أو هما معاً ([7]).

والأدب معرفة وإبداع يصوغ الحياة البشرية بطريقة الخاصة ، ويعبر عن ثروتها وغناها عن طريق الشخصيات الأدبية ولكن خلافاً لبقية الفنون يعتمد على الكلمة مادة له.

وكلمة “ أدب“ (Litterature) من الكلمة اللاتينية (littera) أى الحرف بمفهومها اللغوى فى الوقت الحاضر ، وهى كلمة حديثة لم يترسخ استعمالها إلا فى القرن الثامن عشر ([8]).

والأدب فى تعريف آخر "كل شىء قيد الطبع " وبناء على هذا نستطيع أن ندرس مهنة الطب فى القرن الرابع عشر أو حركة النجوم ومهنة السحر ، وقد احتج ادوين جرنلو (E . Greenlaw ) على هذا بقوله : كل ما يمت إلى تاريخ الحضارة بصلة لا يخرج عن مجالنا) ([9]).

والأدب عند العرب لغوياً يعنى الدعاء وأدب النفس والدرس والظرف وحسن التناول والأدب سمى أدباً لأنه يأدب الناس إلى المحامد وينهاهم عن المقابح ([10]) والأدب عندهم أيضاً الأخذ من كل شىء بطرف ([11]) والأدب فن يتخذ الكلمة وسيلة ليعبر بها عن خلجات الإنسان ومكنون أفكاره ومشاعره وعواطفه ([12]) ، وليحصل منها صلة الوصل بين المشاعر الإنسانية الباحثة عن الخير المتجهة إلى الأفضل المناضلة فى سبيل سعادة الإنسان فى مختلف آفاق الأرض .

والأدب هو فن الكلمة ، والكلمة إما أن تكون شعراً أو نثراً ، ولا بد من توافر عنصرين إثنين لكل ما يصح أن نطلق علية أدباً هما : الفكرة وقالبها الفنى أو المادة والصيغة التى تعالج فيها وهذان العنصران ينتشران فى جميع صور الإنتاج الأدبى([13]).

المقصود من هذا القول أن يتوفر فى الأدب الشكل والمضمون، والشكل الأدبى هو القالب الذى يوضع فيه العمل الأدبى، والمضمون ما يملأ به هذا الشكل وما يستتبع من ضرورة توافر خصائص فنية .

ولا بد أن يترك الأدب أثراً فى المتلقى ، إذاً الأدب هو التأثير وكل تأثير يحدث عن طريق اللغة فهو أدب ([14])، والأدب بهذا المفهوم يماثل الفنون الأخرى التى تؤثر فى الإنسان مثل الرسم - الذى يؤثر باللون ودرجاته والموسيقى بالتوافق النغمى ، والأدب هنا لون من ألوان الفنون ، والفنون أنواع ولكل نوع أدواته التى يستخدمها لتحقيق التأثير .

إن مضمون الأدب هو التجربة الإنسانية ، والأدب كفن من الفنون الجميلة قوامه المعاناة والإبداع ، والأديب يدخل عالم الخلق والإبداع بكامل إمكانياته الروحية والبدنية ، ويتخذ من الحياة الإنسانية مضموناً لعمله الأدبى الذى يصيغه فى شكل شعرى أو نثرى .

(ب) المقارن :

لا يقصد بالمقارن هنا مقارنة أدب بأدب لمعرفة جوانب تفوق عمل أدبى على آخر، وليس المقصود من المقارنة الموازنة ، ولكن المقصود دراسة الأدب القومى فى علاقته التاريخية بغيره من الآداب الخارجية عن نطاق اللغة القومية التى كتب بها([15]) .

فالمقارنة تكتسب عمقاً تاريخياً ولا تعتمد على الجوانب الشكلية الظاهرة أو دراسة ألوان البيان والبديع فيما يدخل ضمن علم البلاغة، فالمقارنة تبحث عن العمق التاريخى للعمل الأدبى وعلاقاته بالأعمال - والتى يرتبط بها - من خلال التأثر التأثير.

والمقارنة ليس الذى يزاوج أو يقابل أثرين أو ثلاثة آثار من آداب مختلفة ، وليست المقابلة فحسب بل هذه مجرد واحدة من طرائق علم يسمى بتاريخ العلاقات الأدبية الدولية([16]) ، فالمقابلة قد تستعمل لكنها ليست أصلاً ولا يجوز لحالها.

والمقارنة وسيلة علم الأدب المقارن فبدون المقارنة لا يصبح علماً، وهى الوسيلة الأكثر إفادة لتحليل أعمال الفن بدلاً من حصر المقارنة فى كتابات اللغة نفسها([17]).

هذا هو مفهوم الأدب - الذى أختلف حول تعريفه الأدباء والنقاد - وأوردوا لنا العديد من التعريفات - التى أوردنا منها القليل ، وأيضاً مفهوم المقارنة - بقى أن نعرف مفهوم الأدب المقارن كعلم له أسسه وقواعده وأدواته وميادينه .

د: مفهوم الأدب المقارن

إن تعريف الأدب المقارن لا يبتعد عن تعريف ميادينه ومجالاته ، فهو توصيف للموضوعات التى يتناولها ، أو قل أنه يوضح المجال الذى يجب أن تكون فيه هذه الدراسة، وقد كثرت هذه التعريفات .

والأدب المقارن كاصطلاح هو العلم الذى يبحث ويقارن بين العلاقات المتشابهة بين الأداب المختلفة فى لغات مختلفة ([18]) ، والعلاقات المتشابهة لا بد أن تتوافر فيها عنصر التأثير ، وهو العلم الذى يعنى بالبحث والمقارنة بين العلاقات المتشابهة بين الآداب المختلفة بعضها والبعض الآخر وبين الآداب وبقية أنماط الفكر البشرى من فنون وعلوم ([19]) وهذا التعريف يعنى توسيع نطاق دائرة البحث فى الأدب المقارن.

والمدرسة الفرنسية وروادها جويار وفان تيجم وبالنسبرجر يرون أن مفهوم الأدب المقارن هو دراسة الأداب المختلفة دراسة مقارنة([20]) ، والأساس الذى تقوم عليه المقارنة هو اللغة أى أن يكون هناك اختلاف فى لغة الأدبين اللذين يقارن بينهما .

أما المدارس الألمانية فترى دراسة الأداب المختلفة دراسة على أساس تلاقيها التاريخى بالرغم من اختلاف لغات هذه الآداب.

أما المدارس الإنجليزية فلم يظهر فيها اسم الأدب المقارن إلا متأخراً، ولكن كانت لديهم دراسات مقارنة.

أما الولايات المتحدة الأمريكية فإن الأدب المقارن يستوعب كل الدراسات المقارنة بين الآداب المختلفة أو بين الآداب وبعضها وغيرها من الفنون بوجه خاص وبينها وبين المعارف الإنسانية بوجه عام ([21]) يقول ثوربى ثورين : إن الأدب المقارن لا يلزم أحد بأى مبدأ سوى أن المقارنة هى الوسيلة الأكثر إفادة لتحليل أعمال الفن ([22]) ، هذا التعريف يجعل المقارنة أساساً لهذا العلم.

وقد ركزت بعض التعريفات على أن الأدب المقارن هو مقارنة العلاقات المتشابهة، وطالما أن هناك علاقات بين الآداب وبعضها فهى مجال الأدب المقارن، وحيثما لا علاقة بين رجل ونص وبين أثر وبيئة وبين بلد ومهاجر تتوقف العلاقة المشتركة فى الأدب المقارن لتبدأ علاقة النقد أو علاقة البيان والبلاغة . وفى تعريف لبعض النقاد - فإن الأدب المقارن هو مقابلة أدب بأدب آخر أو بآداب أخرى وبمحيطات أخرى للتعبير الإنسانى ([23]) ، وهذا التعريف يتفق مع المدرسة الأمريكية التى توسع ميدان الأدب بالفنون الأخرى.

ويرى جويار ([24]) أن الأدب المقارن ذا قدرة على التعبير وما زال من العبث الولوج فى تحديده.

والأدب المقارن يدرس مواطن التلاقى بين الآداب فى لغاتها المختلفة ، وهو لا يتناول التأثيرات الفردية فحسب بل ويعنى بالنماذج العامة والأجناس الأدبية.

إن دراسة التيارات الأدبية العالمية وعلاقاتها بالأدب القومى وصلة الأدب القومى بالآداب العالمية المختلفة تأثراً وتأثيراً اخذاً وعطاء هو ميدان الأدب المقارن.

ويرى د . محمد غنيمى هلال ([25]) بعد كل هذه المفاهيم والتعريفات أن التسمية باسم الأدب المقارن ناقصة فى مدلولها .

ويستند هذا القول إلى أن الأدب المقارن يدرس فى الأصل مواطن التلاقى بين الآداب فى لغاتها المختلفة ، وصلاتها العديدة فى ماضيها وحاضرها ، وما لهذه الصلات التاريخية من تأثير أيا كانت مظاهر ذلك التأثير سواء تعلقت بالأصول الفنية العامة للأجناس أو المذاهب الأدبية أو التيارات الفكرية أو أتصلت بطبيعة الموضوعات والمرافق والأشخاص التى تعالج أو تحاكى فى الأدب أو كانت تمس وسائل الصياغة الفنية والأفكار الجزئية فى العمل الأدبى أو كانت خاصة بصور البلاد المختلفة فى آداب الأمم الأخرى بوصفها صلات فنية تربط ما بين الشعوب والدول بروابط إنسانية تختلف باختلاف الصور ([26]) وهذا التعريف الشامل هو التعريف الذى أرتضيه تعريفاً لكتابى دراسات فى الأدب المقارن ( مع التطبيق على الآداب الإسلامية ) حيث سيكون تفصيلنا تاريخياً للنماذج التى أتناولها.

ما يخرج عن الأدب المقارن

وبناء على التعريفات السابقة فإن الموضوعات التالية لا تدخل ضمن الأدب المقارن، ولا تعد من الدراسات المقارنة التى يشملها الأدب المقارن :

* الدراسات العربية التى عقدت بين شعراء عرب باسم الوساطة والموازنة مثل: الوساطة بين المتنبى وخصومه للجرجانى ، والموازنة بين أبى تمام والبحترى للآمدى ، كما لا تدخل فى نطاق الأدب المقارن الدراسة التى قام بها طه حسين بين حافظ وشوقى .

* الدراسات التى تعقد بين أدباء من آداب مختلفة لم تقم بينهما صلات تاريخية حتى يؤثر أحدهما فى الآخر أو يتأثر به مثل عقد مقارنة بين الفردوسى وأحمد شوقى أو بين سعدى الشيرازى وناجى وذلك لانعدام الصلة التاريخية .

* الدراسات التى عُقدت بين نصين أدبيين فى لغتين مختلفتين لمجرد وجود تشابه بينهما أو تقابل دون وجود صلة تربط بين النصين ، فلا يجوز عقد مقارنة بين شاهنامة الفردوسى وملحمة الزير سالم أو عنترة أو الظاهر ببيرس أو أبى زيد الهلالى لانعدام الصلة بينهما .

* الدراسات التى تدخل ضمن أدب قومى واحد مثل المقارنة بين حافظ وشوقى أو بين بشار وأبى نواس أو بين مقامات بديع الزمان ومقامات الحريرى.

* الدراسات المقارنة التى كتبت بلغة واحدة ، فلا يجوز عقد مقارنة بين أعمال أدبية مكتوبة باللغة الإنجليزية فى بريطانيا وأخرى فى أمريكا أو عمل مقارنة بين عمل أدبى باللغة الفرنسية مكتوب فى فرنسا وآخر مكتوب فى كندا أو بلغة عربية بين عمل مكتوب باللغة العربية فى مصر وآخر فى العراق .

* ومما لا يدخل فى نطاق الأدب المقارن تلك الدراسات التى يكتبها باحثون بين نماذج لا ترتبط ببعضها إلا بمحض الصدفة مثلما فعل عبد الرزاق حميدة فى كتابه (فى الأدب المقارن) من موازنة بين قصيدة الذئب للفرزدق وقصيدة الذئب للفرنسى دى فنى.

الأدب العام والأدب العالمى

الأدب العام : يعنى نظرية الأدب وقد حاول فان تيجم أن يجعل الأدب العام فى مفهومه عكس الأدب المقارن ويرى أن الأدب العام يدرس الحركات والتجديدات فى الأدب حين تتعالى على الخطوط القومية فى حين الأدب المقارن يدرس الصلات الوشيجة بين أدبين أوأكثر ([27]) .

الأدب العالمى:هو اصطلاح من وضع جوته يعنى أن الأدب يجب أن يدرس على اتساع القارات الخمس كلها من نيوزلندا إلى ايسلنده وهذا اصطلاح يحمل فكرة توحيد الآداب جميعهاً فى تركيب عظيم تلعب فيه كل أمة دورها ضمن ائتلاف عالمى([28]) .

عالمية الأدب : ما عالمية الأدب فهو انتقال الأدب القومى من القومية إلى العالمية ، وتعنى خروج الأدب القومى من لغته إلى نطاق آداب لغات أخرى ، وهذه ظاهرة عالمية ومشتركة بين الآداب ، وهناك عوامل تساعد على أنتقال الأدب من الإقليمية إلى العالمية كالترجمة والهجرات والحروب والغزو ووسائل المدنية الحديثة .

ثانياً : نشأة الأدب المقارن

أ- نشأة الأدب المقارن فى أوربا .

ب- نشأة الأدب المقارن عند العرب .

أ- نشأة الأدب المقارن فى أوربا

يجب أن نفرق فى البداية بين الأدب المقارن كظاهرة موجودة فى الآداب ، وبين الأدب المقارن كعلم ، فالأدب المقارن ظاهرة قديمة منذ تفرعت الشعوب وظهر لها أدب ، وتلاقت هذه الشعوب فى علاقات حربية أو تجارية أو علاقات أخرى ، فتأثر أدب شعب بأدب شعب آخر أو أثر فى أدب شعب آخر .

فقد أثر الأدب اليونانى فى الأدب الروماني ، وتأثر الأدب اليونانى بالأدب الفرعونى ، وتأثر الأدب اللاتينى بالأدب اليونانى، وظهر فى عهد النهضة فى أوربا ما يسمى بنظرية المحاكاة ، والمقصود بها تقليد اليونانيين والسير على دربهم فى الأعمال الأدبية ، وقامت جماعة بتمجيد هذه النظرية ، وبحثت فى تراث اليونان والرومان للسير على دربهما والاقتداء بهما .

وظاهرة التأثر والتأثير موجودة فى الآداب الشرقية والغربية على سواء ، فقد قلد شعراء الفرس شعراء العرب ، وساروا على منوالهم، فوقفوا على الأطلال وبكوا الديار، بل ذكروا أماكن الأحبة وأسماءهم العربية وساروا على نمط القصيدة العربية الجاهلية .

كما قام الفرس بتقليد فن المقامات العربية التى وضعها بديع الزمان والحريرى، كما قام العرب بتقليد فن الرباعى الذى ينسب إلى الفرس.

أما علم الأدب المقارن فقد نشأ مع ظهور مدارس أدبية أوربية، فقد انقسم الأدب الأوربى فى القرن التاسع عشر إلى مرحلتين فى مدرستين متعارضتين هما:

* المدرسة الإبداعية والمدارس الواقعية .

كان من رواد المدارس الإبداعية : مدام دى ستايل (1766 - 1817) وشاتوبريان (1797 - 4848) ودى فينى (1797 - 1863) ولا مارتين (1790 - 1869) وفيكتور هوجو (1802 - 1885) والفريد دى موسيه (1810 - 1857) .

وكان من رواد المدارس الواقعية : بود لير (1821 -1867) ودى بانفيل (1823 - 1891 وليكونت دى ليل (1818 - 1894) ورمبو (1854 - 1891) ومالرميه وفرلين وجورج رونباخ ودى رينيه وغيرهم .

وتطور النقد فى القرن التاسع عشر أيضاً على يد فيلـــــمان (1790 - 1867) وسانت بيف (1804 - 1869) وتيـــــن (1828 - 1893) وبرونتير (1849 - 1907) وجون ليمتـــر (1853- 1914) ([29]) وقد أدى ظهور المدارس النقدية والمدارس الأدبية والنهضة العلمية فى أوربا إلى نشأة الأدب المقارن ، وظهر من الباحثين من يدعو لدراسة الأدب المقارن تحت مسميات مختلفة كلها فى نفس المضمون والمفهوم لهذا العلم.

وشهد القرن التاسع الميلادى فى أوربا دعوة لتدريس الأدب المقارن ، فقد أستخدم كوفيه 1800 اصطلاح " التشريح المقارن" واستعمل امبير تعبير " التاريخ المقارن " سنة 1848 ، وفضل فيلمان استعمال " المقارنة الأدبية " سنة 1892 ([30]).

لقد استخدم جان جاك امبير ثم سانت بيف سنة 1871 م اصطلاح " تاريخ الأدب المقارن " وقام دانو جورج براندس بدراسات فى هذا المجال ، وقدم بوسنيت 1886 م بكتابة كتابه النظرى " الأدب المقارن " وفى العام نفسه قام دوار رود بتدريس تاريخ الأدب المقارن فى جنيف ، وأصدر ماكس كوش فى ألمانيا مجلة الأدب المقارن ([31]).

وكتب بيتتز وبالدنبرجر عدة دراسات مقارنة ، وأسس بول هازار عام 1921 مجلة الأدب المقارن الفرنسية [32] .

ومن الدراسات فى مجال الأدب المقارن - التى ظهرت فى أوربا :

B- التاريخ المقارن للأدبين الأسبانى والفرنسى سنة 1843 .

B- تاريخ الآداب 1844

B- تأثير إيطاليا على الأدب الفرنسى فى القرن الثالث عشر حتى عصر لويس الرابع عشر 1853

B- كورنى و شكسبير - جوته 1864 .

B- مجلة الأدب المقارن فى المجـــر سنــــة 1877 de Litterature Comparee jourrnal)) ([33]) ، فى الوقت الذى كان فيه الأدب المقارن يتقدم فى فرنسا كان فى انجلترا متخلفاً ، وهذا يتضح من قول ماثيو آرنولد الإنجليزي سنة 1840 - الذى قال فى رسالة كتبها لأخيه :

" كم هو واضح الآن أن إنجلترا هى بمعنى ما متخلفة جداً عن القارة . مع أن العناية بالآداب المقارنة فى السنوات الخمسين الماضية كان يمكن أن تعلم كل واحد فيها ([34]) .

كان للأدب المقارن مكانته فى فرنسا بين الحربين العالميتين ، ونال أيضاً أهمية كبيرة فى ألمانيا على يد العالم كورت وايس .

وقد دخل علم الأدب المقارن الجامعات الفرنسية ومنذ سنة 1960 عقدت أهمية كبرى على المقارنات الأدبية وفى سنة 1966 قامت نهضة إصلاحية فى التعليم العالى عقدت لـ (التاريخ الأدبى العام) أهمية ، اعتبرته مهماً لدراسة الآداب الحديثة ، وتطورت الدراسات منذ سنة 1968 بشكل أفضل ، وما كان قبلاً وقفاً على بضع عشرات من الدارسين صار الآن ميداناً يدخله سنويا الآلاف([35]).

وأصبح علم الأدب المقارن الآن يدرس فى جامعات فرنسا وسويسرا وإيطاليا وألمانيا وبريطانيا والولايات المتحدة والجامعات المصرية .

ولقد طالب رواد الأدب المقارن أمثال بول فان تيجم بأن يعرف الطالب فى الصفوف الثانوية شيئاُ ما من التنوع اللانهائى للأدب العالمى متجنباً دراسة الأدب الوطنى والآداب القديمة وحدها حتى ولو اعتمد على لغة أو لغتين أجنبيتين ([36]) والمقصود بالأدب العالمى هنا ليس ما قصده جوته وإنما الآداب الأخرى المعروفة .

ب- نشأة الأدب المقارن عند العرب :

كان الأدب العربى منذ زمن العباسيين مفتوحاً على الآداب الشرقية والغربية على السواء يأخذ منها ويعطى ، وكان عطاؤه أكثر من أخذه ، وتأثر الأدب فى العصر العباسى بالأدب الفارسى وأثر فيه.

لقد أثر الأدب اليونانى فى الأدب العربى فى العصر العباسى ، واستفاد الأدب العربى من الأدب عند الرومان والهنود ، وأثر الأدب العربى فى آداب الفرس والهنود أيضاً فى العصر العباسى.

واتصل الأدب العربى بالآداب الأوربية فى العصور الوسطى فغذاها بمواد موضوعاتها الأدبية فى ميدان الشعر وقصص الفروسية وقصص الحب ، بل أن الأدب العربى كان وعاء نقل الآداب الإسلامية والشرقية إلى أوربا ، فقد نقل إليهم القصة على لسان الحيوان وعلى لسان الطير عن الأدب الهندى والفارسى.

واتصل الأدب العربى بالأدب الأوربى فى عصر النهضة وفى العصر الرومانتيكى، وتصدر مجالات جديد كثيرة فى الآداب الإسلامية ، وخاصة الأدب الفارسى ، وفى العصر الحديث توثقت العلاقة بين الأدب العربى والآداب الأوربية.

ولقد ركز الباحثون فى مجالات البحث المقارن على علاقة الأدب العربى بالآداب الغربية ، وظنوا أن هذا هو الأدب المقارن دون أن يكلفوا أنفسهم عناء البحث عن علاقة الأدب العربى بالآداب الشرقية.

وقد تكفل الباحثون فى اللغات الشرقية ببحث العلاقات بين الأدبين العربى والفارسى ، والعربى والتركى ، والعربى والأردى، وبالأخرى بين الآداب الإسلامية جميعها وبين الأدب العربى.

وقد يظن البعض أن العلاقة بين الأدبين العربى والفارسى من الموضوعات القديمة التى تتعلق بفترة العصر العباسى فقط ولكن الواقع أن المؤثرات العربية كثيرة على الأدب الفارسى حتى العصر الحديث ، نظراً لترجمة أمهات الأعمال الأدبية العربية القديمة والحديثة إلى اللغة الفارسية ، كما أن هنا تأثيرات فارسية وتركية وأردية على أدبنا العربى الحديث ، وخير مثال على هذا تأثر نجيب محفوظ فى أعماله الأدبية وخاصة (الحرافيش) بمؤثرات فارسية، كم أن هناك تأثيرات تركية وأوردية وفارسية كثيرة منها تأثيرات ناظم حكمت ومحمد إقبال والخيام على كثير من الأدباء والشعراء العرب فى العصر الحديث مما يؤكد استمرارية التواصل بين الآداب الشرقية والآداب العربية.

ونظراً لكون علم الأدب المقارن قد نشأ نشأة أوربية لهذا نجد أن رجال الأدب المقارن العرب الذين بحثوا فى هذا المجال ، قد اتجهوا وجهة أوربية بصفة عامة وفرنسية بصفة خاصة.

وبدأت ملامح التأثيرات الأوربية تظهر فى القرن التاسع عشر فى كتابات رفاعة رافع الطهطاوى ثم على مبارك ، وإن ظل هدف الاثنين إصلاحياً بعيداً عن الميدان المقارن.

ومن الرجال الأوائل الذين سعوا لعقد مقارنات بين الأدب العربى والآداب الأوربية خليل ثابت داغر ونقولا فياض وأمين حداد ونجيب حداد ويعقوب صروف ([37]).

وكان سليمان البستانى من الأوائل الذين ولجوا ميدان الأدب المقارن بدراسته الواسعة التى قام بها حول الإلياذة بعد أن عربها شعراً ([38]).

وكان روحى الخالدى من فرسان هذا الميدان أيضاً ومن الأوائل فقد نشر كتابه " تاريخ علم الآداب “ فى مقالات عدة نشرت بمجلة " الهلال " المصرية فى سنتى 1902 - 1903 ثم طبع الكتاب كاملاً سنة1908 .

فقد استخدم روحى الخالدى تعبير " علم " على الأدب مما يؤدى علمية الأدب ، وهذا تأثير للاتجاه الفرنسى الذى ذاع وانتشر فى نهاية القرن التاسع عشر مع التأكيد على علمية الأدب.

وكان كتابه " تاريخ علم الأدب عند الفرنج والعرب وفيكتور هوجو " يعتمد على المقارنة القائمة على التأثير وهو يشير فيه إلى ما أقتبسه الأوربيون عن العرب من أدب وشعر ويعالج الكتاب الموضوعات المقارنة التالية :

?1- إنشاء فقراء الأفرنج للنشائد والمدائح العربية

?2- أخذ التروبادور علم القوافي عن العرب .

?3- اقتباس الأفرنج أقاصيهم عن العرب .

?4- الأصل العربى لمسرحية السيد .

?5- عقد مقارنات بين الشعر العربى والشعر الفرنسى .

?6- المقارنة بين ملهاة تارتوف لموليير وأبيات للمعرى تقترب منها فى المغزى .

?7- المقارنة بين قواعد الاتباعية الجديدة وبيت لحسان بن ثابت

?8- المقارنة دائماً بين هوجو والمعرى ([39]).

وبهذه الدراسات دخل روحى الخالدى ([40]) ميدان الأدب المقارن من أوسع أبوابه وصار من رواد الأدب العربى المقارن .

ومن رواد الأدب المقارن المعاصرين لروحى الخالدى قسطاكى الحمصى الحلبى، وله كتاب " منهل الوارد فى علم الانتقاد " نشره فى جزئين خلال سنتي 1906 و 1907 ، وعقد مقارنات بين الأدب العربى والآداب الأوربية .

وفى العصر الحديث أيضاً يقف محمد غنيمى هلال ([41]) على رأس أساتذة الأدب المقارن، وتشهد أعماله ودراساته فى مجال الأدب المقارن على ريادته الحقيقية لهذا العلم ، فقد وضع الأسس العلمية والقواعد السليمة لمدرسة الأدب المقارن العربية ، ويمتاز محمد غنيمى هلال عن غيره فى هذا المجال أنه لم يقف مشدوها بالأعمال المقارنة بين الأدب العربى والآداب الأوربية فحسب بل كان فارساً أيضاً فى مجال الدراسات المقارنة بين الأدب العربى والآداب الشرقية وفتح مجالاً أمام الباحثين فى الآداب الشرقية والغربية بلغتها المختلفة .

ويعد محمد عبد السلام كفافى أيضاً من رجال هذا العلم القلائل، حيث تميزت كتاباته بالمقارنات بين الآداب الشرقية والغربية على السواء ، ومكنه من هذا إلمامه باللغات الشرقية والأوربية بالإضافة إلى عربيته .

ومن الدراسات التى قام بها أساتذة الدراسات الشرقية فى مجال الأدب المقارن ما قام به عبد النعيم حسنين وبديع جمعة والسعيد جمال الدين ومحمد نور الدين عبد المنعم وطلعت أبو فرحة وعبد السلام فهمى وخليل عبد المجيد، وقد غطت أبحاثهم ودراساتهم مجالات عديدة فى الدراسات المقارنة .

كما قام كثير من أساتذة الأدب العربى بدراسات مقارنة مع آداب أوربية أو شرقية تبعاً لإمكانياتهم اللغوية ومعرفتهم باللغات.

كما أن هناك دراسات أيضاً عديدة فى مجال الأدب المقارن قام بها أساتذة الآداب الفرنسية والإنجليزية والألمانية والأسبانية من العرب .

وقد أصبحت مادة الأدب المقارن من المواد التى تدرس فى جميع أقسام اللغات بكليات الآداب والتربية ودار العلوم واللغات والترجمة وكليات اللغة العربية بالجامعات العربية ومنها جامعة أم القرى .

ثالثاً : ميدان الأدب المقارن

تحدثت من قبل عن الموضوعات التى لا تدخل تحت اسم الأدب المقارن ، وفى هذه الصفحات أتحدث عن الموضوعات التى تدخل تحت اصطلاح الأدب المقارن ، وبمعنى آخر مجالات وميادين الأدب المقارن .

إن التيارات الأدبية العالمية هى ميدان الأدب المقارن ومحورها دائماً الأدب القومى فى صلته بالآداب العالمية وامتداد التأثير فيها واغنائها أو بالتأثير بها والغنى بسببها([42]) .

ولا يقف الأدب المقارن عند دراسة التيارات الفكرية والأجناس الأدبية والقضايا الإنسانية فى الفن والأدب بل إنه يكشف جوانب تأثير الكتاب فى الأدب القومى بآداب الأمم الأخرى وبالآداب العالمية.

فنحن لاندرس فكرة أو قصيدة فى أدبين أو أكثر أو ندرس صورة البخيل أو الكريم فى أدبين أو أكثر فحسب بل إن الأمر يشمل الجوانب الفردية كتأثر أديب أو شاعر بثقافة أو فكر أو أدب شعب آخر أو أديب أو شاعر آخر فى لغة أخرى ، مثل تأثر بشار ابن برد وأبى نواس مثلاً بالثقافة الفارسية ، وتأثر الرودكى أو منوجهرى بشعر المتنبى أو بشعر أبي نواس، أو تأثر سعدى أو حافظ الشيرازى بالعربية .

لقد حدد فاينشتاين ([43]) ميدان الأدب المقارن على ثلاثة مستويات:

E- التاريخ الأدبى العام .

E- النقد الأدبى العام .

E- النظرية الأدبية المقارنة .

وهو بهذا قد جعل تبادل التأثير أساساً ، ولكنه لم يصرف النظر عن المقارنة ، ولو كانت غير مبنية على التأثير والتأثر وأى عمل أدبى يخضع لوحدة من المستويات السابقة يصبح ميداناً للأدب المقارن .

ويرى وارين ([44]) أن الأدب المقارن يشمل مجالات متميزة ، فقد يعنى بدراسة الأدب الشفهى وبخاصة موضوعات القصص الشعبي وهجرته وكيف ومتى دخل حقل الأدب (الفنى) الذى هو أكثر (رقيا) منه ، هذا النوع من المشاكل يمكن أن يلحق بالأدب الشعبى .

ولما كان ميدان الأدب المقارن يقوم أصلاً على البحث فى الصلات الدولية بين مختلف الآداب فإن هناك شروطاً وضعتها المدرسة الفرنسية أقدم المدارس فى الأدب المقارن - على أساسها تقوم المقارنة وهى :

1- اللغــة :

لا بد من اختلاف اللغات بين الآداب - يعنى دراسة الأدب القومى مع أدب آخر فى لغة أخرى ، ومن ثم يدخل ميدان الدراسة كل عمل أدبى فرنسى وإنجليزى أو عربى وإنجليزى أو عربى وفارسى أو كل هذه الأعمال فى هذه اللغات ، فاختلاف اللغة شرط أساسى وهذا يعنى أيضاً أنه لا يدخل فى نطاق الأدب المقارن ما هو فى لغة واحدة وفى قطرين مختلفين يعنى لا يدخل هذا المجال المقارنة بين عمل أدبي فارسى مكتوب فى أفغانستان وآخر فى إيران أو عمل فرنسى مكتوب فى فرنسا وآخر فى أفريقيا .

2- الصلة التاريخية :

لا بد من وجود صلة تاريخية بين العملين اللذين نقارن بينهما فمثلاً لا يمكن أن أقارن بين الفردوسي وشكسبير أو أقارن بين عمل أدبى لموليير ونظامى الكنجوى ، وذلك لعدم وجود صلة تاريخية ، ولكن يمكن عقد مقارنة بين قصص القرآن الكريم والقصص التى نظمها شعراء الفرس أو الترك وذلك لوجود صلة تاريخية .

ومن ثم يمكن أن نقول أن الموضوعات التالية تدخل فى نطاق الأدب المقارن ، وهى فى الميدان الحقيقى للأدب المقارن ، وهذه على سبيل المثال لا الحصر:

أ- دراسة الموضوعات الأدبية :

· دراسة الخرافة على لسان الحيوان فى الأدبين العربى والفارسى .

· دراسة النوروز فى الأدبين العربى والفارسى .

· دراسة الخرافة على لسان الطير عند الفرس والعرب والأوربيين.

ب- دراسة الأجناس الأدبية .

· دراسة فن المقامات فى الأدبين العربى والفارسى

· دراسة فن الرباعى فى الأدب العربى والفارسى والأردى والإنجليزى .

جـ - دراسة تأثير كاتب ما فى أدب أمة أخرى :

· تأثير ابن عربى على شعراء الفرس والترك

· تأثير عمر الخيام على شعراء العرب والشعراء الأوربيين

د- دراسة مصادر الأديب :

· دراسة مصادر الطبرى فى كتابه.

· دراسة مصادر الاصفهانى فى كتابه الأغانى .

· دراسة مصادر عبد الله بن المقفع فى كليلة ودمنة والأدب

الصغير والأدب الكبير والتاج .

· دراسة مصادر سعدى الشيرازى فى الجلستان

هـ - دراسة أحد الشعراء أو الكتاب دراسة تبين نواحى التأثر بالآداب الأجنبية.

· تأثر أبي نواس أو بشار بن برد أو ابن الرومى بالآداب الفارسية .

· تأثر جلال الدين الرومى بالقرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة

و- دراسة التيارات الفكرية التى تسود عصر ما أو حركة معينة.

ز- دراسة بلد ما كما يصور أدب أمة أخرى

ح - دراسة بلد ما كما يصور أدب أخر .

ط- دراسة أدب الرحلات .

ى- دراسة الأدباء والشعراء الذين فاقت شهرتهم حدود بلادهم.

ك- دراسة نوع أدبى دراسة تاريخية تهدف إلى بيان ما فى هذا الأدب من أصالة أو تقليد وتكشف عن تطور النوع الأدبى فى مختلف الآداب .

ل- دراسة قصة إنسانية أو أسطورية عولجت فى عدة آداب أخرى.

م- دراسة نموذج إنساني فى أكثر من أدب .

ن- تحقيق التاريخ الأدبى لأمة من الأمم وذلك لبيان عوامل التأثير التى قامت بين أدب تلك الأمة والأمم الأخرى .

س- دراسة المذاهب الأدبية

والميادين التى يجول فيها الأدب المقارن واسعة وقد أحسن جويار ([45]) حين قال : أنه من العبث تحديد الأدب المقارن ، وهذا يعنى اتساع دائرة الأدب المقارن ، وتعدد ميادينه .

ويمكن أن نقول أن ميادين الأدب المقارن هى جميع النوافذ التى يطل منها الأدب القومى على أى أدب فى أى أمة أخرى ، وهى جميع المخارج التى أثر من خلالها الأدب القومى فى الآداب العالمية فى عصوره المختلفة ، سواء فى إفادته أو استفادته منها.

أدوات البحث فى ميدان الأدب المقارن

يحتاج الباحث فى ميدان الأدب المقارن لعدة أدوات لا بد له من الإلمام بها وهى:

أولاً : معرفة تامة للغات

يجب على الباحث معرفة لغات الآداب التى يدرسها حتى يتمكن من قراءة النصوص من اللغة التى يقارن بها ، فمثلاً إذا أراد الباحث دراسة شخصية البخيل فى الأدب الفرنسى والإنجليزى والعربى عليه الإلمام بلغات هذه الآداب، ذلك لأن هناك مدلولات للألفاظ التى تعبر عن شخصية البخيل لا يمكن أن تعرف بدقة إلا فى لغتها الأصلية ، ولا يمكن ترجمتها ، وأضرب مثلا لمن يدرس أثر القرآن في الشعوب الإسلامية فى الفارسية والتركية والأردية ، لا يمكن أن يعرف مدلول اللفظ إلا إذ عرف اللغة العربية جيداً .

أما الاعتماد على الترجمة فهى طريقة ناقصة لا تليق بباحث فى الأدب المقارن ، بالإضافة إلى أن لكل لغة خصائص ولها مميزاتها التى تجعلها لا تفهم إلا فيها ولا تذوق إلا بقراءة نصوصها ([46]) .

وأضرب مثلاً لترجمة رباعيات الخيام والتى قام بها الشاعر الكبير أحمد رامى ، ففى النص الفارسى جمال ومتعة أفضل من الترجمة مع أن ترجمتها الشعرية نقلت المضمون بشكل متميز ، ومع ذلك فإن خصائص النص الفارسى والخصائص الفنية للرباعيات الفارسية أفضل بكثير من كل الترجمات .

ثانياً : معرفة الحقائق التاريخية :

المقارنة لا تتم للنص المجرد بل تبحث عن عمق تاريخى للنص للوصول إلى العلاقات الكامنة وراءه ، ويجب على الباحث فى ميدان الأدب المقارن أن يعرف معرفة تامة للحقائق التاريخية لموضوع دراسته ، ويكون صاحب ثقافة تاريخية كافية تمكنه من إدراك الصلات التاريخية للعمل الأدبى ، فمثلاً إذا أراد الباحث دراسة الخرافة على لسان الحيوان أو الأدب الكبير أو الأدب الصغير والمؤثرات الفارسية ، فلا بد أن يطلع على التاريخ السياسى والأدبى للفترة التى كتبت فيها هذه الأعمال وعندئذ سينجلى له حقائق توضح له الصلات التاريخية بين الأدبين

فمثلاً عند دراسة الأثر الفارسى في شعر أبى نواس نجد أن الشاعر يفخر بالفرس ، وكذلك نجد بشار بن برد والدارس للتاريخ السياسى في هذه الفترة يدرك أسباب هذا الفخر ، وأسباب توجه هذان الشاعران الى الفرس خاصة لمدحهم والافتخار بهم .

فالباحث يجب أن يطلع على تاريخ البلد الذي يدرسه ويعرف التاريخ السياسى والأدبي للمنطقة الواقعة في دائرة بحثة .

ثالثاً : معرفة الآداب المختلفة في عدة بلدان

يجب على الباحث في الأدب المقارن معرفة آداب البلد الذي يدرسه والبلدان التى يبحث عن الصلات التاريخية بين آدابها ، فمثلاً من يقارن بين آداب عربية وفارسية عليه أن يعرف جيداً شعراء وأدباء العرب والفرس وأهم الاجناس الأدبية والتيارات الفكرية والمدارس التى ينتمى اليها هؤلاء الأدباء .

رابعاً : الالمام بالمراجع العامة

على الباحث الالمام بالمراجع العامة ومعرفة طرق البحث العلمى في المسائل التى هو بصدد دراستها وهذه النقطة عامة لا تتعلق بالباحث في الأدب المقارن فقط بل تنطبق على جميع الباحثين في أى عمل أدبي .

الفصل الثانى

الأدب الإسلامي المقارن

تقديـــم

من القضايا الهامة التي تدخل فى إطار الدراسات الأدبية المقارنة دراسة الآداب الإسلامية المقارنة ، ليس الهدف منها دراسة تأثير الدين فى الآداب الإسلامية فحسب بل دراسة العلاقات التاريخية والأدبية بين الآداب الإسلامية أخذاً وعطاءً ومن الخطأ أن ندرس الأدب الإسلامي من منظور ما كتبه الأدباء العرب حول القضايا الإسلامية وإنما ما أبدعه المسلمون أينما كانوا وبأى لغة تحدثوا ، وعلى ضوء ذلك ستكون مساحة المقارنة واسعة ربما تشمل الكرة الأرضية بأكملها فالمسلمون يتحدثون بلغات عديدة والآداب التى يبدعونها متنوعة ويساعد على خصوبة هذه الدراسة تنوع المصادر الثقافية والتباين الفكرى بين الجماعات سواء أكانت في إفريقيا أو آسيا أو أوربا أوالأمريكتين .

فإذا ما أدركنا أن الإسلام هو دين شامل له موقف من كل القضايا الحياتية للإنسان يدعمها بالفكر والرأى ، ويتناولها بالتهذيب والتقنين، ولا يعنى هذا أن الأديب سيتوقف عند المفهوم الإسلامي بل إنه سيتجاوزه إلى الموروث الحضارى للبيئة التى نشأ بها، فالأديب الهندى المسلم له نظرته التى تتوافق مع الفكر الإسلامي وتنهل من الموروث الهندى ومثله الأديب التركى والإيرانى والنيجيرى والصينى ....

وقد نشأ أدب إسلامى منذ مجىء الرسالة المحمدية ونما مع نمو الثقافة الإسلامية وتنوع العلوم والمعارف ، وتكون أدب إسلامى يأخذ من كل إقليم لوناً ويستمد من كل حضارة ميزة ويتشكل تبعاً لكل عصر إلا أن دعامته الأولى الصدق الواقعى والفنى .

ولو أخذنا مثالاً على ذلك الذى لايقف عند النصوص القرآنية والأحاديث النبوية بل يتجاوزها إلى موروثات محلية نجد فى ذلك قصة الإسراء والمعراج وقد تجاوزت الحدود وتوغلت فى كل الآداب ففى الصين يتناولها الصوفية فى التكايا وفى الهند ينشدها المنشدون فى الخانقاوات ويعرفها الصوفية فى إفريقيا وأوربا وبلاد العرب لكن يضفى عليها كل شعب ألواناً ويضيفون معجزات لا حدود لها ولا علاقة لها بالموروث الإسلامي إنما لها علاقة بموروثات هذه الشعوب الإسلامية.

يقول د. الطاهر مكى : من بديهيات الأدب المقارن أنه يقسم الآداب بحسب اللغة التى كتب فيها فهناك الأدب العربى وهو كل ما كتب فى اللغة العربية على أى أرض ومهما كانت جنسية كاتبه السياسية و الشىء نفسه يمكن أن يقال عن الأدب الفارسى أو التركى أو الأوردى وغيرها من الآداب ولا تجرى المقارنة بمفهومها العلمى إلا بين أدبين كل منها ينتمى للغة تختلف عن لغة الأدب الأخر .

وإذا كان مؤسسو الدراسات المقارنة يرون أن الغاية الجمالية ليست الهدف الأول وإنما هو علم يهدف إجتثاث العصبيات الإقليمية والقومية أو التخفيف من غلوها فى أضعف الحالات ، وقد سبق الإسلام علم الأدب المقارن فى غايته لأنه يسمو بالمشاعر الإنسانية فوق اللون والجنس واللغة.

والأدب الإسلامي يقوم على دراسة العلائق التاريخية بين الآداب الإسلامية فى اللغة العربية والفارسية والتركية والأردية والبشتو والسوا حلية والهوسا والأندونيسية والألبانية .

2 - الخريطة السياسية للأدب الإسلامى :

إستطاع الإسلام أن يعم الجزيرة العربية كلها فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم ، وبعد وفاته صلى الله عليه وسلم وقعت حرب الردة التى تمكن الخليفة أبو بكر الصديق من إعادة فرض سلطان الدولة الإسلامية على كل الجزيرة العربية.

وخرجت الجيوش الإسلامية من المدينة المنورة لفتح بلاد فارس وشمال إفريقيا ونشر الإسلام فى هذه البلاد المفتوحة ... واستطاع المثنى بن حارثة الشيبانى من الاستيلاء على بلاد الحيرة والتوغل فى بلاد ما بين النهرين والتوجه نحو المدائن عاصمة الساسانيين .

وفى الغرب كان خالد بن الوليد يقود الجيش الإسلامى والذى هاجم به جيوش الروم البيزنطية ، وحقق عليها إنتصاراً حاسماً فى موقعة أجنادين سنة 634 م ، وواصل إستيلائه على مدن فلسطين والشام حتى وصل إلى دمشق ... ، وفى سنة 636م التقى خالد بن الوليد مع جيش الروم البيزنطي فى اليرموك وكان على رأس الجيش الرومانى تيودور ، إلا أن جيش المسلمين قضى على فلول الرومان وأصبحت بلاد الشام وسوريه بلاداً عربية إسلامية.

وعندما زار عمر بن الخطاب بيت المقدس استشاره عمرو بن العاص لفتح مصر ووافق عمر، ولكن عندما عاد إلى المدينة المنورة وأستشار أصحابه أوضحوا لـه ما فى هذا الفتح من مخاطر فأرسل رسالة إلى عمرو يقول لـه فيها " إن أدركك كتابى وأمرتك بالانصراف عن مصر قبل أن تدخلها أو شيئاً من أرضها فانصرف ، وإن أنت دخلتها قبل أن يأتيك كتابى فامض لوجهك واستعن بالله واستنصره " وفتح عمرو الرسالة وهو فى العريش سنة 639 م فسأل عن موقعها فأدرك أنه قد دخل مصر بالفعل فاستمر فى الفتح .

سار عمرو بن العاص فى صوب مصر عن طريق ساحل البحر ووصل إلى حصن بابليون وفتحه فى سنة 641 ، وتوجه إلى الإسكندرية وتصالح مع أهلها على دفع الجزية . ودخلت مصر تحت سيادة الدولة الإسلامية دون مقاومة تذكر حيث رغب أهلها من المسيحيين فى التخلص من سيطرة الرومان البيزنطيين ، وقد نصح المقوقس سكان مصر الأقباط ألا يقاوموا الفاتحين ، ونعم أهل مصر بالحكم الإسلامي حيث دخلوا الإسلام طواعية ويقول فى ذلك توماس أرنولد عن إنتشار الإسلام " أن سرعة انتشار الإسلام فى السنوات الأولى من الفتح الإسلامى ترجع إلى عجز المسيحية ديناً وعدم صلاحيتها للبقاء أكثر مما يرجع إلى الجهود الظافرة التى قام بها الفاتحون لجذب الأهالى إلى اعتناق الإسلام".

وواصل الجيش الإسلامى فتوحاته فى باقى الأقاليم التابعة للرومان البيزنطيين فاتجهوا إلى برقة وطرابلس ووصل قائدهم إلى قرطاجنة فى تونس.

توغل المسلمون في صوب مصر نحو بلاد النوبة إلا أن مملكة دونقله ظلت على دينها حاجزاً بين المسلمين فى الشمال والمسحيين فى الجنوب كما كان المسلمون قد إنتقلوا من اليمن إلى الصومال والحبشة.

وبسبب التعاون مع ملوك أوربا وملوك الحبشة ظل المسلمون يقطنون المناطق الساحلية على البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندى وأقاموا دولة لهم على السواحل الإفريقية تمتد من الصومال إلى موزمبيق وشملت الجزر الواقعة فى المحيط .

وتحول الشمال الإفريقى كله إلى الإسلام مع الفاتحين المسلمين فى الجزائر ومراكش ودخل الإسلام إلى الأندلس .

وتوغل الإسلام مع الدعاة والتجار فى غانه وصارت مملكة سونغاى إسلامية بعد إسلام ملكها ، وبدأ الإسلام ينتشر بفضل هذه المملكة فى غرب ووسط إفريقيا.

كانت الطرق التجارية فى إفريقيا تربط الشمال بالشرق والغرب والوسط والجنوب، وبسبب هذه العلاقات التجارية أخذ الإسلام طريقه إلى العديد من مناطق القارة الإفريقية ، كما كان للطرق الصوفية دور عظيم فى نشر الإسلام ، وأصبح الشمال الإفريقى وشرق إفريقيا وعدداً من الأقاليم الغربية ضمن الخريطة السياسية للدولة الإسلامية، وأصبحت الآداب التى تصدر عن هذه الشعوب آداب إسلامية .

فإذا ما اتجهنا شرقاً نجد أن المسلمين قد اتجهوا لفتح بلاد فارس فى وقت مبكر خلال فتوحاتهم للشام حيث توجه المثنى بن حارثة الشيبانى وحقق عدة انتصارات تبعتها فتوحات سعد بن أبى وقاص والنعمان بن مقرن حيث سقطت الدولة الساسانية سنة 26هـ.

بدأ المسلمون يتجهون شرقاً وسيطروا على كل بلاد فارس ، وعبرت جيوشهم نهر سيحون وجيحون ، وواصل قتيبة بن مسلم الباهلى فى عهد الحجاج بن يوسف الثقفى والى العراقين في خلافة الوليد بن عبد الملك فتوحاته فى بلاد ما وراء النهر والصين ، وفتح بلاد الشاش وسمرقند وبخارى وخوارزم وما لم تفتحه الجيوش الإسلامية قام الدعاة والتجار والمتصوفة بنشر الإسلام فيه حتى وصلت الدعوة الإسلامية إلى سيبيريا وبلاد الصين .

وقامت عدة دول إسلامية فى عهد الخلافة العباسية فى إيران كان أهمها الدولة الطاهرية والصفارية والسامانية والغزنوية والخوازر مشاهية وبنى بويه والسلاجقة ورصدت الخريطة السياسية آداب وثقافة هذه الدول الإسلامية .

ولم يتوقف الزحف الإسلامى عند هذا الحد بل استطاع محمد بن القاسم الثقفى فى القرن الأول الهجرى أن يفتح بلاد السند ويبدأ فى نشر الإسلام فى بلاد الهند ، وقد أكمل الغزنويون جهوده فى نشر الإسلام والثقافة الإسلامية فى الهند .

وقامت دول إسلامية متعددة فى الهند كان أهمها دولة المماليك ودولة الخلجيين والتغلقيين واللودهيين ودولة المغول التى استمرت حتى القرن التاسع عشر الميلادى تحكم الهند . وامتد الإسلام إلى كشمير وإلى البنغال ومن الهند قام التجار والدعاة بالتوجه إلى شرق آسيا ، وإلتقوا مع الدعاة والتجار العرب والفرس فى السواحل الآسيوية فى ماليزيا وسومطرة وسنغافورة والفلبين وجاوة وتمكن الإسلام من غزو قلوب أهالى أندونسيا وماليزيا والفلبين وسواحل فيتنام وكمبوديا وتايلاند وشرق الصين عن طريق التجار والدعاة .

لم يستطع الغزاة الهولنديون والبرتغاليون والفرنسيون والإنجليز من القضاء على الدعوة الإسلامية بل لم يتمكنوا من محو التراث الإسلامى والثقافة الإسلامية وقامت لغات عديدة اعتمدت على اللغة العربية واللغات الإسلامية ، واستمدت من التراث والفكر الإسلامى العديد من العناصر والمظاهر التى يلمسها القارىء فى هذه الآداب .

ومن شرق آسيا إنطلق الإسلام صوب الغرب حيث انتقلت القبائل التركية إلى آسيا الصغرى( تركيا الحالية ) ونشرت الإسلام فى البلاد الواقعة ما بين بحر قزوين والبحر الأسود ، وبمجرد أن تحول المغول إلى الإسلام فى عهد الايلخانيين حتى أصبحوا دعاة للإسلام ، وقامت القبيلة الذهبية بنشر الإسلام فى بلاد ما وراء القوقاز وشمال البحر الأسود، وقامت ممالك إسلامية فى هذه المناطق ، لا يزال أهلها حتى اليوم على إسلامهم .

وأنتشر الإسلام فى شرق أوربا بفضل القبائل التركية والبلغار ونتيجة لترحالهم من الشرق إلى الغرب واستقرارهم فى المنطقة الغربية للبحر الأسود ، كما كان التجار المسلمون يجوبون أوربا حاملين معهم أنواع مختلفة من الفراء ومنتجات الأقاليم الشمالية من آسيا.

وقام العثمانيون بفتح الفسطنطينية فى عهد محمد الفاتح وواصلوا إنتصاراتهم فى بلغاريا ومقدونيا وتركيا وألبانيا والبوسنة وصربيا والمجر ، وطرقت جيوشهم أبواب فينا .

أسس المسلمون ممالك إسلامية فى أوربا وعلى البحر الأدرياتيكى وقامت مملكة فى البوسنة وأخرى فى البانيا وفى كوسوفو ومقدونيا .

وفى الوقت الذى كانت فيه الأندلس تضم عدة ممالك إسلامية تحكم غرناطة وقرطبة واشبيليه ، وكان العالم الإسلامى يكاد يطوى كل بلاد أوربا ، كان الإسلام يجد طريقه إلى بلدان جديدة عن طريق التجار والدعاة .

إن الخريطة السياسية للعالم الإسلامى قد ضمت مساحات واسعة فى إفريقيا وآسيا وأوربا واعتنق الإسلام شعوب من أمم وجنسيات مختلفة يتحدثون لغات عديدة وقد نتج عن ذلك :

أولاً : أثر الإسلام فى اللغة العربية تأثيراً بالغاً سواء فى نحوها أو صرفها أو أدبها وصارت اللغة الفصحى التى يلتف حولها جميع المسلمين ، وأصبحت لغة الدين والثقافة الإسلامية .

ثانياً : هجرت أمم كثيرة الحروف القديمة للغتها واستخدمت الحروف العربية ، وهجرت الكثير من ألفاظ لغتها القديمة وأحلت محلها ألفاظ اللغة العربية حتى تكونت لغة جديدة تنتمى إلى الثقافة الجديدة وهى ما تسمى باسم اللغات الإسلامية والتى ظهرت بفضل الإسلام وهى اللغة الفارسية واللغة التركية واللغة الأوردية ولغة البشتو.

ثالثاً: ظهرت آداب مختلفة قامت أساساً على التراث الإسلامى تستقى منه القيم وتستفيد من الفكر وتستعين بالمبادىء والأصول التى قامت عليها الثقافة الإسلامية .

رابعاً: إن لكل أمة تراث قد يتشابه مع التراث الإسلامى فى بعض جوانبه ، وقد يلتقى أحياناً عند بعض المفاهيم ، وعندئذ تنطلق همم الأدباء والكتاب والشعراء والمفكرين للاستفادة من تراث الإسلام وتراث الأمم الأخرى.

القيم الثابتة والمتغيرات فى الآداب الاسلامية

يمتد العالم الإسلامى من المحيط الهادى شرقاً إلى المحيط الأطلسى غرباً ومن سويسرا إلى أواسط إفريقيا ، وهذه المنطقة الشاسعة تضم شعوباً مختلفة فى لغتها وألوانها وعاداتها وتقاليدها وتراثها وأجناسها ، والإسلام دين له قيم وأصول ، وقد جاء للناس كافة يدعو لخير البشرية ، وقد أبقى الإسلام على كل القيم والعادات والتقاليد والتراث القديم لهذه الشعوب طالما لا تتعارض مع العقيدة الإسلامية .

الإسلام جاء ليبنى لا ليهدم ولذلك أبقى على الحضارات القديمة، وبنى عليها حضارة جديدة ، لأن الإسلام دين تواصل .

وهناك أسس وقواعد ثابتة حافظ عليها الإسلام وأبقى عليها المسلمون ، فالمسلمون جميعاً يؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله لانفرق بين أحد من رسله واليوم الآخر والبعث والنشور ، وهذه ثوابت للمسلم أينما كان ، فهو لابد أن يؤمن بأن الله لا إله إلا هو وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قدير ، وتتجلى هذه القاعدة فى الآداب الإسلامية عند أى شعب من الشعوب.

الإسلام دين المساوة، لا فرق بين عربى وأعجمى، لا يوجد فرق بين إنسان وآخر على أساس اللون أو اللغة أو الجنس الكل سواسية كأسنان المشط ، لا يوجد نظام الطبقات كما هو فى الهندوسية ، المسلمون جميعاً متساوون فى الحقوق والواجبات وهذه قيمة ثابتة يلتزم بها المفكر والأديب المسلم.

الشعائر الإسلامية والعبادات كالصلاة والصوم والزكاة والحج ثوابت من القيم الملزمة للإنسان المسلم أينما كان موطنه وفى أى زمان كان وجوده.

أمور الحياة والمعاملات بين البشر لها ثوابت ولها أحكام ظنية، والثوابت منها ما يتعلق بالأسس والمبادىء والأحكام التى جاءت بها نصوص قطعية لا تختلف فيها الاجتهادات ولا تتأثر بتغير الزمان والمكان .

أما الأحكام الظنية فهى مفتوحة أمام الإجتهاد، وتشمل معظم الأحكام الفقهية وهى التى لم ينص عليها بنص وفيها يقول الحديث النبوى " ما أحل الله في كتابه فهو حلال، وما حرم فهو حرام وما سكت عنه فهو عفو واقبلوا من الله عافيته فإن الله لم يكن ينسى شيئاً" .

وعلى ضوء هذه القواعد والأصول الثابتة والمتغيرة يكون الفكر الإسلامى الذى يلتزم به الأديب الاسلامى ، وعلى ضوء ذلك فإن الثقافة والفكر من صنع الانسان ميلاً وهوى ودربة وترتبط بالزمان والمكان وحدودهما وتتكون تبعاً لهما وتخضع لكل المؤثرات الانسانية من المزاج الفردى والموروث الجماعى والبيئة المحيطة والضواغط الخارجية من تربية أصيلة أو ثقافة وافدة وكما يشخص د . مكى ذلك يقول " ومن هنا فإن كل شعب إسلامى أستوعب الدين خارج نطاق الثوابت والمناطق المغلقة حسب ما لديه من مستوى الفهم والإدراك والاستيعاب وطبقه حسب حاجاته المادية ومتطلباته الروحية وما يلائمها.

ويفسر ذلك باختلاف المذاهب الفقهية فى كل بلد إسلامى حيث انتشرت المذاهب الفقهية تبعاً لعوامل سياسية وإجتماعية واقتصادية وتولد عن ذلك انتشار المذهب المالكى فى مصر والاندلس والحنفى فى بغداد وتركيا العثمانية والأباضى فى عمان والزيدى فى اليمن والجعفرى فى إيران وباكستان والعراق ولبنان وتاجيكستان والاسماعيلى فى نواحى شرق افغانستان . وعلى الرغم من هذه الاختلافات الفقهية إلا أنها متغيرات لم تشكل حاجزاً بين أبناء الأمة الإسلامية طوال تاريخها الطويل، فقد كان المسلمون من أدباء ومفكرين وتجار ومتصوفة ينتقلون من مكان إلى آخر دون عوائق ، ورأينا شاعراً مثل جلال الدين الرومى وقد تنقل بين خراسان وآسيا الصغرى ودمشق وبغداد ، وتعلم العلم هنا وهناك ليعود إلى قونيه وينشد المثنوى المعنوى وديوان شمس تبريز ويحكى المجالس السبعة ويكتب كتابه فيه ما فيه.

كما كان الرحالة الشاعر ناصر خسرو الذى زار الهند ومكة واليمن ومصر والشام وآسيا الصغرى وعاد إلى إيران بعد رحلة طويلة تلقى فيها العلم من كل مكان حل به .

وهنا نرى أن الثوابت القائمة فى الأدب الإسلامى تبدو جلية فى التزام الأديب والشاعر المسلم بالقيمة الإسلامية ولا يعنى هذا أن الشاعر والأديب المسلم يتخلص من تراثه القديم الذى ورثه بسبب العوامل السياسية والجغرافية والتاريخية والثقافية ، هذه العوامل المرتبطة بالتراث الموروث ، فقد استمد من تراثه القديم ما لا يتعارض مع التراث الإسلامى .

والمساحة الأدبية التى يلتقى فيها الأدباء والشعراء هى التى تسمح لهم ببيان مواطن التلاقى بين الآداب الإسلامية المختلفة ، وهذه المساحة شاسعة واسعة سواء فى دراسة الموضوعات أو الاجناس أو المصادر أو الأدباء وتأثرهم وتأثيرهم أو التيارات الفكرية أو الرحلات أو النماذج الانسانية أو المذاهب الأدبية.

الفصل الثالث

الآداب الإسلامية

الآداب الإسلامية

الأدب العربي -الأدب الفارسى - الأدب التركى

الأدب الأوردى

أولاً : الأدب العربى .

إذا كانت اللغة العربية لغة سامية تنتمى إلى اللغات السامية من حيث المنشأ إلا أنها لغة إسلامية من حيث كونها الوعاء الذى ضم مفردات الدين الاسلامى ، بها نزل القرآن وتكلم المصطفى صلى الله عليه وسلم وتحاور الصحابة وكان العرب يتحدثون بها حين جاء الإسلام ......

والقرآن الكريم نزل باللغة العربية ولا يفهم الإسلام إلا بفهم القرآن الكريم من خلال لغته العربية ، ولا يدرك إعجاز القرآن وبلاغته إلا باللغة العربية ، ولذلك كانت الصلاة تؤدى باللغة العربية مهما كانت لغة المسلم .

فاللغة العربية هى اللغة الإسلامية التى هذبها الإسلام ونقاها وجعلها لغة عالية من منطلق أن الإسلام الدين العالمى الذى نزل للناس كافة .

وتتميز اللغة العربية عن غيرها من اللغات بأنها كانت المكون الرئيسى لجميع اللغات الإسلامية ، وهى لغات ظهرت بعد اعتناق الشعوب غير العربية الإسلام، فقد وجدت الحروف العربية والكلمات والاصطلاحات العربية طريقها إلى هذه اللغات حتى أنه لا يمكن للمسلم غير العربى أن يتحدث لغته دون الاستعانة بالألفاظ العربية سواء أكانت دينية أم إدارية أم إجتماعية .

أسهمت اللغة العربية فى تكوين اللغة الفارسية التى ظهرت كلغة إسلامية حديثة بعد قرن من تحول الفرس إلى الإسلام وأسهمت فى تشكيل اللغة التركية حين تحول الترك إلى الإسلام ، وأسهمت فى بناء اللغة الاوردية التى يتحدث بها الهندوس بعد خمسة قرون من الهجرة النبوية وقيام المسلمين بفتح هذه البلاد وهكذا بدأت تتشكل اللغات الإسلامية مستمدة كيانها من اللغة العربية لغة الدين الإسلامى. ولا يعنى هذا أن اللغة العربية لم تتأثر بهذه اللغات فى مراحل حياتها خاصة فى فترات الاستعلاء والتفوق عند بعض الشعوب الإسلامية مثل الفرس والأتراك ، بل وفى الأحوال العادية فإن التزاوج ظل قائماً بين اللغة العربية وهذه اللغات أخذاً وعطاءً .

ولا يتوقف الأمر عند حدود اللغة بل يتخطاه إلى حدود الأدب، فحين كانت المعلقة والقصيدة العربية تمثل نموذجاً يحتذى به عند الشعراء العرب من أهل البداوة ، وكان النمط السائد فى القصيدة يتدرج من المقدمة الطللية والتغزل إلى رحلات الصيد والوصف والفروسية وما شابهه من أغراض فى القصيدة الواحدة وكان هذا النموذج هو الأمثل والالتزام به هو المطلب والمبتغى ، وكانت اللغة المستخدمة لها طابعها البدوى المثير الذى يعجب النقاد والمبدعون.

وانتقل العرب من طور البداوة إلى طور الحضارة بفضل الإسلام أولاً والاتصال بالأمم الأخرى ثانية ، وهذا الاتصال نجم عنه تعرف العرب على علوم ومعارف لم يكن لديهم منها إلا القليل ، وألقى هذا الأمر بظلاله على الأدب العربى ، إذ تلاشى الطابع القديم وحل محله الأسلوب المنمق المهذب ، وتطورت القصيدة العربية من قصيدة غير ملتزمة بالوحدة العضوية والموضوعية إلى قصيدة ملتزمة بالوحدة الموضوعية والعضوية ، ولم يصبح هناك إمكانية نقل أبيات من الشعر من موضعها فى القصيدة بل وأصبح من الصعب أن تنسب الأشعار لغير أهلها ، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل بدأت موضوعات جديدة تدخل الأدب العربى مثل الخرافة على لسان الطير والحيوان والشعر السياسى وقوالب الغزل والرباعى والمثنوى والشعر التعليمى وغيرها من الموضوعات بل تطورت أغراض أخرى مثل الوصف والفخر والغزل .

أصبحت اللغة العربيةوأدبها منذ القرن الرابع الهجرى هى اللغة السائدة فى العالم الإسلامى الممتد من الهند شرقاً إلى الأندلس غرباً وصار بلاط الملوك فى الهند وإيران ومصر والشام وشمال إفريقيا والاندلس مهبطاً للأدباء المتكلمين باللغة العربية وأحياناً بلغات أخرى ممن عرفوا باصحاب اللسانين وأمتدت خريطة الأدب العربى لتشمل أبى على القالى وابن سينا والصاحب بن عباد وبديع الزمام الهمذانى، وأسهم الجرجانيان فى علم البلاغة وسيبوبه والسكاكى والخليل ابن احمد فى علم النحو واللغة .

لم يكن هذا الأتساع فى رقعة الخريطة الأدبية للغة العربية مجرد اتساع بلا معنى وإنما كان اتساع فى المعانى والاغراض والأفكار وارتقاء فى الأساليب والأخيلة وتطور فى الدلالة وتهجين للمعانى والألفاظ .

لم يتوقف الأدب العربى عند الحدود ما بين الهند والأندلس وإنما تخطاها إلى أندونسيا وماليزيا ووسط أفريقيا وشرق أوربا وأستخدم أهلها أبياتاً من الشعر العربى وكانوا يعلمون أبناءهم القرآن الكريم والشعر العربى خلال تعليمهم اللغة العربية فى الكتاتيب والمساجد .

وحين نقف على الأدب العربى من حيث تواجده فى بيئته وتطوره ندرك أننا لا نبتعد كثيراً عن فترة مجىء الإسلام ، إذا لا تبتعد المصادر عن قرنين من الزمان حين وجدنا أبيات من الشعر العربى، ومنذ ذلك الحين وحتى مجىء الإسلام وصل إلينا عشرات القصائد بالإضافة إلى المعلقات العشر والقطع والأبيات المفردة، والخطب والأمثال التى حفظها البدوى فى ذاكرته حتى تم تدوينها.

وقد أستفاد الأدباء فى كل العصور سواء العرب أو غيرهم من الشعراء الجاهلى والذى حفظو قبل أن يكتبوا أشعارهم أو مؤلفاتهم فقد كان الشعر الجاهلى يشاطره فى روعته شعر الصعاليك كالشنفرى وعمرو بن براق وعروة بن الورد وعلى الرغم من تشابه أشعار شعراء الصعاليك من حيث الموضوع وجدنا شعراء المعلقات كل يشتهر بشىء يخالف صاحبه فعنترة هو الفارس المقدام والمحب العفيف وأمرؤ القيس هو شاعر الملذات والمتعة وكان عمرو بن كلثوم شاعر الخمر والنابغة شاعر الملوك.

وموضوعات الشعراء الجاهليين محدودة لا تتغير فى تناول الانسان والطبيعة والموت والحياة وتتعرض للبطولة والشجاعة والفروسية والقتل والفخر والهجاء ، شغلته البيئة بما تحويه من أرض وسماء وجبال وحيوان ، الليل والنهار والنجوم والطيور والحيوانات المستأنسة والمتوحشة ، الذئب والأسد والناقة والظبى والفرس والقطا ، هى كلها ما تشغل الشاعر الجاهلى .

القصيدة الجاهلية واحدة في موضوعها لا إختلاف بين قصيدة وأخرى إلا فى اليسير ، فهى مقدمة طللية تبكى الديار وتشبب بالمرأة وتصف جمالها وتتغزل بها وتنتقل إلى الناقة أو الفرس لتصف سرعتها وجمال خطوتها وتصف الرحلة وما يمر به الشاعر من جبال ووديان صعبة وقاسية

ووادى كجوف العير قفر قطعته \

به الذئب يعوى كالخليع المعيل

حتى يصل إلى بيت القصيد حيث يمدح أو يفخر أو يهجو أو يصف، وهو بذلك لا يربط بين أجزاء القصيدة ربطاً يمنع الرواة أو اللاعبين أن يلعبوا بأبياتها.

وإذا ما تخطينا العصر الجاهلى بمعلقاته وقصائده وخطبه إلى العصر الإسلامى تلاشت فنون وأعراض وظهرت أخرى .

إختفى الفخر القبلى وحل محله الفخر الإسلامى لم يصبح هناك بكر ولا وائل ولا عبس ولا ذبيان واختفت أسماء القبائل من الشعر فى صدر الإسلام ليحل محلها الفاظ الصحابة والمهاجرين والأنصار والمسلمين .

حدثت فترة إنتقالية بين الجاهلية والإسلام لم يتحول الشعراء فجأة إلى الخلاص مما علق بأذهانهم وإنما ظلت بعض صور الجاهلية عالقة بعقولهم ولم يتمكن حسان بن ثابت وكعب بن زهير وعبد الله بن رواحة وأبو ذءويب الهندى وأبو محجن الثقفى وعمرو بن معدى كرب الزبيدى أن يتخلصوا من الصور القديمة ولغتها البدوية الموحشة ، ولكنها أيضاً بدأت تسمو بمعانيها وتتحاشى المعانى القديمة والمظاهر الوثنية ، فلم يصبح هناك تشبيب بالمرأة وتغزل بمفاتنها أو سعى وراءها لاغتصابها كما كان يفعل أمرءو القيس .

وظهر شعر الفتوحات فى عهد الخلفاء الراشدين والذى أنشده شعراء شاركوا فى هذه الفتوحات ، وتفجرت فى داخلهم أحاسيس دينية فأبرزوا البطولات الإسلامية فى هذه الحروب .

وإذا ما تجاوزنا عصر صدر الإسلام إلى العصر الأموى ، وجدنا الدولة الإسلامية وقد صارت دولة متكاملة فى نظامها السياسى والاقتصادى وصارت العاصمة دمشق بعيدة عن عاصمة الرسول صلى الله عليه وسلم بعداً يقارن بين حالة وأخرى ، حالة سياسية ودينية واقتصادية متغايرة تماماً للحالة التى كانت عليها دمشق .

تدفقت الأموال على دمشق وتدفق الشعراء على بيت الخليفة الأموى ، وتصارع الأمويون مع العلويين فظهر الشعر السياسى، وبرزت فرق المرجئة والمعتزلة والخوارج واختلطت المفاهيم السياسية بالدينية، وانعكست كلها على الأدب.

ظهر شعراء صاحبوا هذه الفرق والمذاهب وكان الكميت بن زيد وقطرى بن الفجاءة والسيد الحميرى، كما كان اقطاب العصر الأموى جرير والفرزدق والأخطل أصحاب النقائض.

ما كان لشعر الغزل وقصص الحب التى شاعت فى العصر الأموى صداها فى الآداب الإسلامية فيما بعد مثل قصص قيس وليلى وعروة وعفراء وليلى والمجون ، وصارت قصائد الغزل مستقلة فى غرضها وقدمها عمر بن أبى ربيعة وظلت المقدمات الغزلية قائمة.

وظهرت مدرستان فى الغزل إحداهما تمثل الغزل البدوى ويمثل بنى عذرة هذا الاتجاه وينسب إليهم الحب العذرى وعلى رأسهم جميل بثينة، والغزل الحضرى وهو على النقيض من الغزل العذرى ويمثله عمر بن أبى ربيعة.

وتطور فن الخمريات فى العصر الأموى ولعله لم يصل إلى ما وصل إليه فى العصر العباسى إلا أنه على يد الوليد بن زيد قد تطور بصورة أكثر لأن بيئته كانت بيئة الخمر وصناعته، ولعله كان أمتداداً لشعر عمرو بن كلثوم.

وتطورت القصيدة العربية فى أواخر العصر الأموى فى الشكل والمضمون وهو ما سمى باسم حركة التجديد والتى ازدهرت فى العصر العباسى بسبب تأثير العنصر الفارسى ولعلنا نرى أن تطورها فى العصر العباسى كان أكثر إسراعاً وادراكاً عنه فى العصر الأموى ، ربما لأسباب سياسية ودينية وثقافية أكثر من كونها أسباباً مرتبطة بالعنصر الأجنبى.

وإذا ما جعلنا العصر الأموى وراء ظهرنا وتقدمنا صوب العصر العباسى وجدنا الأدب العربى خلال خمسة قرون متصلة ينمو ويزدهر على الرغم من أن وحدة الدولة الإسلامية فى هذا العصر قد مرت بثلاثة عصور مختلفة كان الأول والثانى منها فى قمة الازدهار السياسى وفى الثالث منها تحولت الدولة إلىدويلات جديدة وأصبحت الدولة العباسية لا تزيد عن أصغر دولة إسلامية فى الشرق أو الغرب.

حدثت جهود لتجديد الشعر العربى أسهم فيها العرب والموالى خاصة الفرس وكان على رأسهم أبو نواس ( انظر دور أبى نواس فى التجديد خلال بحثنا العجمة فى شعر أبى نواس العدد 4-7 من مجلة الدراسات الشرقية ). وكانت عناصر التجديد بادية فى القصيدة من ناحية الشكل والمضمون ، وكانت خصائص التجديد فى الشعر العربى فى العصر العباسى متمثلة فى .

[1] - اللغة الثرية التى أستخدمت فيها اللغة الجارية والحوار اليومى ومشاهد الحياة العامة .

[2] - الواقعية المرتبطة بالبيئة العصرية .

[3] - العناصر الثقافية المختلفة - الفكرية والفلسفية والدينية .

[4] - الصور والمعانى والأخيلة .

[5] - تطور الخمريات إلى فن مستقل .

[6] - تطور غرض الفخر والوصف .

ولم يخل العصر العباسى من مظاهر اللهو والغزل والمجون بتوافر بشار بن برد وأبى نواس ومسلم بن الوليد والعباس بن الأحنف وكانت أشعار الأخير فى الغزل قد أخذت طريقها إلى شعر أبطال الف ليلة وليلة وانتقلت معانيها إلى شعراء الأندلس وكذلك شعراء التروبادور فى جنوب فرنسا .

واتجه جماعة من شعراء العصر العباسى إلى الزهد وكان على رأسهم أبو العتاهية والذى يعد حالة فريدة محببة فى الشعر العربى فى العصر العباسى .

وفى العصر العباسى توفر عدد من الشعراء العظام أمثال البحترى وأبو تمام وابن الرومى وعبد الله بن المعتز ، وقد صارت أشعار أبى تمام والبحترى مثالاً يحتذى لدى شعراء الفرس ، وقد أقتبسوا الكثير من أشعارهم وضمنوها فى قصائدهم .

ويمثل أبو فراس الحمدانى مدرسة الشام فى الشعر العربى حيث كانت رومياته من أروع النماذج الشعرية ، حتى إذا جئنا إلى المتنبى وأبى العلاء المعرى نكون قد وصلنا إلى قمتين من أعلى قمم الشعراء العرب فى العصر العباسى .

ويمثل المتنبى مدرسة فريدة فى الأدب حيث جمع بين البداوة والحضارة فهو قد أخذ من البداوة قوة الأسلوب وحلاوة البيان وصفاء اللغة ومن الحضارة مستحدثاتها ، وتعبر كافورياته وسيفياته عن أفكاره وآرائه وأسلوبه الفريد الذى ابتكره لنفسه .

وكان أبو العلاء المعرى مشابهاً للخيام فى بعض نظراته للكون إلا أن المعرى له فلسفته الخاصة تجاه الأراء الفلسفية والكلامية، وقد مزجها بالسخرية والتهكم تارة والجدة تارة أخرى.

ونما الشعر الصوفى أيضاً فى العصر العباسى ناهلاً من المصادر الهندية والفارسية ما يشاء آخذاً عن السهروردى والحلاج والبسطامى حتى بلغ درجة على يد ابن الفارض والمعروف بسلطان العاشقين.

وعندما نتجول بين شعراء الصوفية نجد تداخلات عديدة فى المعانى والأفكار بين وحدة الوجود وفلسفة الإشراق، ونلاحظ الاسقاطات الصوفية فى قصص العشاق عند شعراء الفارسية وشعراء العرب فى قصص يوسف وزليخا وليلى والمجنون.

إن الأدب العربى فى العصر العباسى قد بلغ درجة الكمال التى يخشى أن تكون نهاية الأمر حيث بدأ الانحدار بعد سقوط الخلافة العباسية سنة 656هـ إثر اجتياح المغول لبغداد إنفرط العقد الذى انتظم لقرون ليخضع المبدعون لشعوب أدنى حضارة منها مما ينعكس سلباً على الأدب العربى.

وفى ظل الوجود العثمانى وقع الأدب العربى تحت مؤثرات عديدة جعلته أضعف حالاً حيث أصبح أصحاب المهن شعراء منهم الجزار والعطار والفران وأصبحت الصور الأدبية مبتذلة واللغة الشعرية سقيمة.

وبدأ الأدب العربى فى العصر الحديث ينهض من كبوته بعد أربعة قرون متأثراً بالآداب العالمية الأخرى ونهض به شعراء أمثال محمود سامى البارودى وأحمد شوقى وحافظ أبراهيم ليعود مرة أخرى يؤثر ويتأثر ، يعطى ويأخذ ، يتفاعل مع الآداب العالمية الأخرى.

ولا يمكن أن نهمل فى عرضنا هذا الأدب العربى فى الأندلس حيث تميز الأدب الأندلسى بنمط خاص تفوق به على الأدب العربى بشكل عام وذلك لظهور فن الموشحات ، فقد أستعار الأدب الأندلسى من اللغة العربية وبناء القصيدة والعروض والقوافى والموضوعات الأدبية المختلفة إلا أنه طور الأدب ليرضى مزاجه وابتدع فن المرشحات وهو نوع يمثل أساساً للشعر الغنائى الأول.

ظل الأدب الأندلسى فى فترة ارتباط الأندلس بالمشرق العربى مجرد كإمارة تابعة لدمشق ، وعلى الرغم من أن أدباء المشرق كانوا يتوجهون إلى الأندلس كما رحل علماء ورجال فنون أمثال زرياب الموسيقى إلى الأندلس ، وقد أسهموا فى وضع الملامح الأولى للأدب الأندلسى، حتى إذا ما قام عبد الرحمن الناصر بإنشاء الخلافة الأموية فى الأندلس سنة 317 هـ حتى أتجه الأدب الأندلسى نحو الكمال، وقد عاش فى ظل الأندلس ابن هانى الأندلسى داعية الفاطميين وابن دراج القسطلى ومروان المقب بالأمير الطليق، وكانوا فى ظل خلافة بنى أمية فى الأندلس.

وفى عهد ملوك الطوائف إزدهر الأدب فى المدن الأندلسية ، ففى اشبيلية كان بنو عباد وعلى رأسهم المعتمد بن عباد الذى تجمع حوله من الشعراء ابن عمار وابن اللبانة وابن وهبون وابن حمديس.

وكان ابن الحداد وزيرا فى المرية ،وأبو اسحق الالبيرى فى غرناطة، وابن زيدون أعظم شاعر فى الأندلس ولد بقرطبة وعاش فى اشبيلية.

وكان ابن شهيد وابن حزم من أدباء الأندلس المعروفين ولابن شهيد رسالة التوابع والزوابع ولابن حزم طوق الحمامة.

وفى عهد حكومة المرابطين بدأ الشعر الأندلسى يتراجع، وأنصرف أبناءوه إلى تأليف الكتب التى تجمع بقاياه فألف ابن بسام الذخيرة وابن خاقان قلائد العقبان .

وفى عصر الموحدين ظهر ابن رشد وابن طفيل وابن باجة وابن زهر وابن البيطار وبلغت العلوم ذروتها وظهر شعراء أمثال الرصافى وصفوان بن ادريس وحفصة الركونية ، وفى اواخر عهد الموحدين كان ابن عربى الصوفى المعروف وانتهى عصرهم برحيل حازم القرطاجنى وابن الآبار وعلى بن سعيد إلى مصر وتونس .

ونجد فى الأدب الأندلسى نماذج أخرى لشعراء عظام هم خير المطاف فى الأندلس وكان منهم لسان الدين بن الحطيب وابن زمرك.

وقبل أن نختم هذا الاستعراض للأدب العربى باعتباره متداخلاً مع الأداب الاسلامية ومؤثراً فى كل الموضوعات والقضايا الفنية والأدبية للآداب الإسلامية نرى أن الأدب العربى قد تميز فى كل عصر من عصوره بشكل معين انفتح به على الآداب الإسلامية الأخرى فالعصر الجاهلى هو المنهل الذى نهت منه جميع الآداب الإسلامية حتى الأدب العربى بعد الأسلام ، ووجدنا شعراء الفرس والترك وهم يقلدون الشعر الجاهلى أمثال معزى ومنوجهرى ، ويقفون على الاطلال فى القرن الرابع والخامس الهجرى مقلدين الشعراء العرب فى الجاهلية بل يفخر منوجهرى بمعرفته للأدب العربى قائلاً " إننى أعرف الكثير من شعراء العرب وأنت لا تعرف الاهبى بصحنك فاصبحنا "

· من بسى ديوان شعر تازيان زبردارم *

تو ندانى خواند ألاهبى بصحنك فاصبحين

وعندما ننتقل إلى الأدب فى العصر الأموى والعباسى فإننا نجد إنفتاحاً كثيراً بين الآداب الإسلامية المختلفة حيث ترجمت قصائد عربية إلى الفارسية وترجمت كتب ومؤلفات عديدة إلى الفارسية وكذلك ترجمت المؤلفات التى بالبهلوية إلى العربية واختلط المسلمون الناطقون بالعربية مع غيرهم من المسلمين وعقدت جلسات أدبية كان الصاحب بن عباد يعرض الشعر بالفارسية والعربية ويترجمه على الفور.

وقد تنبه أدباء الفرس مبكراً إلى الأدب العربى والقصص القرآنى فقاموا بنظم ليلى والمجنون ويوسف وزليخا عدة مرات بالفارسية ، وقد قام أحمد شوقى فى العصر الحديث بنظم ليلى والمجنون متأثراً بالنظم الفارسى لها كما قام محمد فريد ابو حديد بكتابة قصة خسرو وشيرين عن قصة خسرو وشيرين الفارسية .

ثانياً : الأدب الفارسى

الحضارة الفارسية من أعرق الحضارات الإنسانية وقد مرت هذه الحضارات بفترات إزدهار عديدة فى العهد الأكمينى والأشكانى والبارثى والساسانى وأعرق الحضارات الفارسية هى حضارة الأكمينيين والساسانيين والأولى كانت قريبة العهد من حضارة بابل وحضارة الفراعنة أما الثانية فقد انتقل مكونها الثقافى والحضارى إلى المسلمين لقرابة عهدها بعهد الدولة الإسلامية الأولى .

وكان لهذه الحضارات لغات معروفة أُطلق عليها باللغة الفارسية إلاأنها قسمت إلى لغات تبعا للفترة الزمنية فهناك الفارسية القديمة وهناك الفارسية الوسطى وهناك الفارسية الحديثة وهى التى نقدم للقارىء أدبها باعتبارها هى اللغة الإسلامية التى تشكلت بعد الإسلام.

استفاد العرب قبل الإسلام من الفرس سواء فى لغتهم أو أدبهم أو حضارتهم أو تقاليدهم ، فقد دخلت ألفاظ الحضارة إلى اللغة العربية، وورد بعضها فى القرآن الكريم مثل سندس، واستبرق ، سجيل، وفيل وهناك أكثر من تسعين لفظاً ذكرها الخليل بن أحمد فى معجمه "العين " مثل : صولجان وخوان وبربط.

وقد عرف العرب الفرس قبل الإسلام معرفة جيدة وعاش المناذرة فى الحيرة فى كنف الفرس واستعان تبابعة اليمن بالفرس لطرد الأحباش وظل الفرس يساندون المناذرة ويحكمون اليمن حتى جاء الإسلام.

ونقل العرب البضائع الفارسية إلى مكة والمدينة بل وكانت رحلة الشتاء والصيف مواسم التقاء بين العرب والفرس لتبادل ألوان التجارة .

وشارك العرب الفرس فى الاحتفال بأعيادهم فى النيروز والمهرجان والسذق وهى أعياد أعجمية خالصة ، كما حدث تزاوج بين العرب والفرس خاصة فى الحيرة .

وتعلم بعض العرب فى مدارس بلاد فارس حيث تعلم الحارث بن حلزه اليشكرى الطب فى مدرسة جنديسابور وتعلم قصص الفرس وبطولاتهم .

ودخل الفرس الإسلام بعد سقوط الدولة الساسانية وانتصار المسلمين سنة 26 هـ فى موقعة نهاوند آخر المعارك بين المسلمين والساسانيين وأخذ الفرس هجر لغتهم القديمة والاستعانة باللغة العربية - لغة الدين الإسلامى ، وبدأت تظهر اللغة مكتوبة بالحروف العربية وهى التى أطلق عليها اسم الفارسية الحديثة ، بدأت تظهر اللغة الفارسية الإسلامية فى القرن الأول الهجرى ، وانتشرت فى مدن عربية مثل البصرة ، وكان أطفال المدينة يعرفون الفارسية جيداً والدليل على ذلك أن عبيد الله ابن ابيه كان قد اركب الشاعر يزيد ابن مفرغ الحميرى حماراً وربط فى ذيل الحمار خنزيراً ودار به فى شوارع البصرة بعد أن سقاه شراباً مسهلاً فكان الأطفال يلتفون حوله ويقولون له بالفارسية " اين جيست ؟ أين جيست ؟ أى ما هذا ؟ ما هذا ؟ فيرد عليهم بالفارسية

" آبست ونبيذاست :. عصارات زبيب است

سميه روسبى است "

وتعنى انه ماء ونبيذ وعصارات زبيب وسمية الفاجرة ،( إشارة إلى جدة عبيد الله) وقد وردت هذه الحكاية فى العديد من المؤلفات العربية عند الجاحظ والاصفهانى .

ويرى المقدسى صاحب كتاب " أحسن التقاسيم فى معرفة الأقاليم ( ق 4 هـ ) أن الفارسية سائدة فى اقليم صحار ( عمان حالياً ) وجدة وعدن وخوز ستان ، وهذا يعنى امتداد اللغة الفارسية حتى المنطقة العربية وهى مدن معروفة بممارسة التجارة ، وكان الفرس ولا يزالون من أمهر التجار .

وبدأت اللغة الفارسية تُستخدم فى عهد الدولة الصفارية والسامانية والغزنوية وما بعدها من دول إسلامية استقلت عن الخلافة العباسية ، وظهر الأدب الفارسى مجاوراً للأدب العربى ، وكان هناك من يعرف العربية جيداً وهم الذين يطلق عليهم أصحاب اللسانين أمثال موسى بن سيار ، والصاحب بن عباد والخيام وغيرهم .

ولم تكن الفارسية لغة إيران فحسب بل امتدت إلى الهند لتبقى لغة رسمية فيها خلال عهد الامبراطورية المغولية التى حكمت الهند أكثر من أربعة قرون متتالية .

ظلت اللغة العربية مسيطرة خلال القرنين الأول والثانى الهجريين على الحياة الأدبية في إيران واستمرت فى عهد الدولة الطاهرية أيضاً والتى كان بعض حكامها من كبار أدباء العربية مثل عبد الله بن طاهر، بينما كانت الفارسية تنتشر بين الناس، وظلت لغة الدواوين حتى أيام عبد الملك بن مروان فى إقليم خراسان .

ومع بداية حكم الصفاريين استخدمت اللغة الفارسية كلغة رسمية ولغة للأدب وكان محمد بن وصيف السجزى من أشهر شعراء الدولة الصفارية وكان وزيراً ليعقوب بن الليث الصفار .

وفى عهد السامانيين ( 261 هـ - 389هـ ) عمل ملوكهم على إحياء الأدب الفارسى وترجمة المتون العربية إلى الفارسية ، واستخدمت اللغة الفارسية لغة رسمية ، واتخذوا من بخارى عاصمة لهم ، وبرز العديد من الشعراء والأدباء فى ظل رعاية ملوك الدولة السامانية.

ومن أهم شعراء وأدباء العصر السامانى ابو شكور البلخى وأبو مؤيد البلخى ناظم قصة يوسف وزليخا وأبو الحسن شهيد البلخى وكان ينظم الشعر بالفارسية والعربية .

ويعد الرودكى أشهر شعراء العصر السامانى له قصائد ورباعيات ومثنويات وغزليات ، كما كان مشهوراً بعزفه على آلة البربط (الربابة ) وقد نظم كليلة ودمنة عن ترجمة ابن المقفع والتى فقدت ولا يتوفر سوى بعض الأبيات المتفرقة فى كتب الأدب .

ومن شعراء العصر السامانى الدقيقى الطوسى الذى نظم جزءاً من الشاهنامة فى ألف بيت وضعها الفردوسى ضمن شاهنامته ولم يكن الازدهار قاصراً على الشعر بل ظهر أدباء كتبوا بالفارسية والعربية فيهم البلعمى مترجم تاريخ الطبرى وساعد فى ترجمة تفسير الطبرى، وممن اتقنوا العربية بالإضافة للفارسية الرازى، اسحق الوصلى أبو معشر البلخى ، حمزة الاصفانى ، الدينورى وابن قتبة والطبرى.

وجاء العصر الغزنوى ( 351- 579 هـ ) وخاصة فى عهد محمود الغزنوى ليؤكد على عظمة الأدب الفارسى ، وعلى الرغم من أن ملوكها كانوا ينتمون إلى الجنس التركى إلا أن اللغة الفارسية كانت هى السائدة ، لغة البلاط والأدب ، وقد استقدم محمود الغزنوى الشعراء والأدباء من كل أنحاء المعمورة .

من شعراء العصر الغزنوى الشاعر عنصرى صاحب قصة وامق وعذرا وله ديوان شعر يحتوى على قصائد ومثنويات وغزليات، وكان يستهل قصائده بوصف الطبيعة والغزل والتشبيب ثم المدح .

وكان الفرخى ومنوجهرى وعسجدى من شعراء العصر الغزنوى المشهورين ، وكان منوجهرى متبحراً فى اللغة العربية والأدب العربى ويعيب على الآخرين عدم معرفتهم باللغة العربية يقول :"

من بسى ديوان شعرتازيان زبردارم \

توندانى خواند الاهبى بصحنك فاصبحين

وترجمته :

اننى أحفظ كثيراً من دواوين الشعر العربى وأنت لا تعرف أن تقرأ الاهبى بصحنك فاصبحينا " .

وكان يستهل قصائده بالبكاء على الأطلال على نمط شعراء العربية فى العصر الجاهلىوله ديوان شعر كبير ، أما فرخى فله ديوان شعر من تسعة آلاف بيت وله كتاب ترجمان البلاغة ، ولعسجدى ديوان شعر يضم ثلاثة آلاف بيت .

ويأتى الفردوسى على قمة شعراء هذا العصر وذلك لنظمه للشاهنامة التى عرفت باسمه وهى تضم ستين ألف بيت من البحر المتقارب وتتناول تاريخ إيران من بداية الخليقة إلى الفتح الإسلامى (إنظر كتابى " الملحمة فى الآداب الشرقية والغربية") ، وقد قدم الفردوسى الشاهنامة لمحمود الغزنوى ولكنه لم يحظ بالمكافأة المجزية لاتهام الحاسدين له بأنه رافضى ، وقد منحه عشرين ألف درهم قام الفردوسى بتوزيعها على صاحب حمام وبائع فقاع، وهرب من المدينة ليلاً، وكتب هجاءً مراً لمحمود الغزنوى، وعندما أدرك محمود الغزنوى مكانة الفردوسى وعظمة شعره أرسل إليه مكافأة قيمة إلا أن الإبل السلطانية كانت تدخل من باب رودبار وجنازة الفردوسى تخرج من باب روزان فى مدينة طبران.

وقد نظم الفردوسى أيضاً قصة يوسف وزليخا وله غزليات وقصائد قليلة .

ومن أدباء العصر الغزنوى بديع الزمان الهمذانى صاحب المقامات والثعالبى صاحب اليتيمة والبيرونى صاحب الآثار الباقية عن القرون الخالية وتحقيق ما للهند من مقولة مقبولة فى العقل أو مرذولة والعديد من المؤلفات وكذلك الخوارزمى وابن مسكويه وابن سينا وكانوا يعرفون العربية والفارسية جيداً . كما كان أبو الفضل البيهقى من أشهر الأدباء فى العصر الغزنوى وله كتاب تاريخ بيهقى والذى قدمه للوزير الميمندى .

وبرز فى عهد بنى بويه عدد من الأدباء والشعراء الذين كتبوا باللغة العربية ومنهم ابن العميد والصاحب بن عباد وقد زار بلاطهم المتنبى وأبو العلاء المعرى.

وفى عهد السلاجقة عرف العديد من الأدباء وكان الوزير نظام الملك صاحب سياستنامه من أشهر أدبائهم ، ومن شعرائهم أسدى صاحب شاهنامه ومعجم بعنوان " لغت نامه فرس " يضم شرحاً للكلمات الفارسية المهجورة مع الاستشهاد بالشعر الفارسى . وكان ناصر خسرو صاحب كتاب سفر نامه من شعراء هذا العصر ، وقد عمل على نشر المذهب الاسماعيلى وألف عدة مؤلفات تخدم معتقدة من أهمها : زاد المسافرين وجامع الحكمتين وروشنانى نامه (رسالة النور) وسعادت نامه (رسالة السعادة) وله ديوان ملىء بالأفكار والأراء الفلسفية المؤيدة لمعتقدات الاسماعيلية .

وكان هذا العصر ملىء بالاضطرابات السياسية والدينية دافعاً لعدد من الشعراء نحو التصوف والزهد وكان من هؤلاء بابا طاهر عريان وأبى سعيد بن أبى الخير واشتهروا برباعياتهم الصوفية .

وكان الشاعر الصوفى عبد الله الانصارى من الشعراء والأدباء فى هذا العصر وله بالفارسية والعربية ، ففى العربيةله ذم الكلام ومنازل السالكين وله بالفارسية كتاب الاسراء وزاد العارفين وتهذيب طبقات الصوفية وانيس المريدين وشمس المجالس وقصة يوسف وزليخا وكتاب المناجاة .

كما كان سنائى الغزنوى شاعراً معروفاً ويعد من شعراء الصوفية الكبار بل يعد ثالث ثلاثة هم : سنائى- وفريد الدين العطار والرومى وله ديوان يضم ثلاثين الف بيت ومثنويات أهمها " حديقة الحقيقة وسير العباد إلى المعاد وكتاب الأعمال وكتاب الغريب .

وفريد الدين العطار له مؤلفات بعدد سور القرآن الكريم 114 مؤلفاً أهمها : منطق الطير وتتمثل فى قصة تدور حول مجموعة من الطيور عددها ثلاثون طائراً " سى مرغ " ويسعون لمعرفة الحقيقة والوصول إلى العنقاء " سيمرغ " والطيور تعبر عن الصوفية والعنقاء تعبر عن الحق سبحانه وتعالى .

وله بندنامه " كتاب النصيحة " ولسان الغيب ومظهر العجائب والهى نامه واسرارنامه ومصيبت نامه وخسرونامه وتذكرة الأولياء.

ومن شعراء العصر السلجوقى الأنورى والخاقانى ونظامى الكنجوى والفاريابى، وأشهرهم نظامى الكنجوى صاحب مخزن الاسرار وخسرو وشيرين وليلى والمجنون وهفت بيكر ( الصور السبع ) واسكندرنامه .

كما كان مسعود سعد سلمان وعمرالخيام وقطران التبريزى ومعزى ورشيد الدين الوطواط صاحب حدائق السحر وصد كلمة وأديب صابر وسوزنى ومجير الدين البيلقانى وابو الفرج الرونى وعبد الواسع الجبلى ومهستى من شعراء العصر السلجوقى.

وانتهى العصر السلجوقى وسقطت الخلافة العباسية سنة 656 هـ على يد المغول لتبدأ فترة جديدة هى عهد المغول الايلخانيين والتيموريين ، ولا يعنى ذلك إنحساراً للأدب الفارسى بل تحول المغول إلىالاسلام ولم يكد يمر عدة عقود حتى عاد الأدب الفارسى قوياً كما كان وظهر أعظم شعراء الأدب الفارسى وهم جلال الدين الرومى وسعدي الشيرازى وحافظ الشيرازى ويتربع ثلاثتهم على قمة الأدب الفارسى منذ نشأته وحتى الأن.

أما جلال الدين الرومى فهو شاعر الصوفية الأكبر الذى فرت أسرته أمام الغزو المغولى وأستقرت فى آسيا الصغرى - بلاد الروم - وقد تعلم جلال الدين الرومى العلوم الشرعية والنقلية والعقلية وزار حلب ودمشق طالباً للعلم ولكنه تحول بعد لقائه مع قطب الصوفية شمس الدين محمد التبريزى إلى التصوف وبعد مقتل شمس الدين التبريزى على يد العامة بسبب جرأته فى مهاجمة أفكار العامة أسس جلال الدين الرومى جماعته التى لبست زياً خاصاً يشابه زى التبريزى وجلس للذكر والغناء ، ونظم جلال الدين المثنوى المعنوى- فى ستة مجلدات ضخمة تتناول حكايات وقصص الصوفية وقد ترجم كتاب - المثنوى المعنوى .

ولجلال الدين الرومى ديوان شمس تبريز فى ستة وأربعين ألف بيت وكتاب فيه ما فيه ، وله رباعيات وقطع شعرية كثيرة .

أما سعدى الشيرازى فهو صاحب البوستان وهو مثنوى وضعه فى عشرة أبواب كما ألف كتاب الجلستان وهو نثر ممزوج بالشعر ويعد من أفضل كتب الأدب الفارسى لما فيه من قصص وحكايات ونصائح ، كما أنه من ناحية الأسلوب سهل ومبسط وخالى من الحشو وبعيداً عن التعقيد .

ولسعدى ديوان شعر يضم قصائد وقطع ورباعيات وغزليات وموشحات ( ترجيع بند ).

أما حافظ الشيرازى الملقب بلسان الغيب وترجمان البلاغة فهو شاعر إيران الأول وله ديوان يضم غزلياته واشعاره وقد ترجم إلى العربية باسم أغانى شيراز (انظر كتابى:"العربية فى شعر حافظ الشيرازى والفارسية فى حرافيش نجيب محفوظ ) .

ومن شعراء العصر المغولى والايلخانى والتيمورى كان جمال الدين الاصفهانى وخواجو كرمانى وابن يمين وسلمان الساوجى ،وعبد الرحمن الجامى ، وآخرهم هو أشهرهم لمكانته العالية وذيوع شعره ونظراته الصوفية فهو صاحب ديوان ملىء بالقصائد والغزليات والمثنويات والرباعيات قسمها إلى فاتحة الشباب وواسطة العقد وخاتمة الحياة ، ونظم سبعة منظومات هى :

سلسلة الذهب ، وسلامان وابسال وتحفة الأحرار وسبحة الأبرار ويوسف وزليخا وليلى والمجنون وخُرّدنامه سكندرى .

تولى السلطة فى إيران الصفويون وأعقبهم الافشاريون ثم الزنديون فالقاجاريون، ولم يكن حكم الافشاريين والزنديين سوى عدة سنوات بينما ظل الصفويون والقاجاريون اكثر من مائة عام ، وفى عهد الصفويين أصبح المذهب الشيعى مذهباً رسمياً للبلاد واتجه الأدب نحو الموضوعات الدينية وضعف الأدب بشكل عام بسبب سيطرة الشعر المذهبى والمدائح والمراثى لآل البيت ، وقد توجه الشعراء إلى الهند وبرزوا فى بلاط سلاطين المغول هناك .

وفى الهند ترجم الأدب الهندى القديم والكتب الدينية مثل المهابهارتا والرامايانا إلى الفارسية وسوف اتناول الأدب الفارسى فى الهند فيما بعد .

ظهر فى عهد الصفويين الشاعر محتشم الكاشانى هاتفى الاصفهانى ومحمد خان كاشانى وحسين طباطبائى وقاآنى وفتح على خان صبا ونشاط اصفهانى ووصال وغيرهم إلا أن شعرهم قد أتجه نحو الموضوعات الدينية والتصوف ومدح آل البيت .

وفى الهند ظهر شعراء الفارسية أمثال أمير خسرو دهلوى أول من أستخدم الفاظاً هندية وكان طليعة ظهور اللغة الأوردية .

ومن شعراء الهند الذين نظموا بالفارسية عرفى الشيرازى وفيضى وبيدل وعشرات غيرهم ( أنظر كتابى : المسلمون فى الهند من الفتح العربى إلى الاحتلال الانجليزى والجرء الثالث من هذا الكتاب بأكمله يتناول الأدب فى عهد المغول).

وإلى جانب هؤلاء الشعراء ظهر كُتاب لا حصر لهم وبعضهم كان شاعراً ومن أهم المؤلفات المكتوبة نثراً : سفرنامه لناصر خسرو وسياست نامه لنظام الملك وتاريخ بيهقى وجهانكشا لعطا ملك جوينى وطبقات اكبرى لنظام الدين أحمد وائين اكبرى وأكبر نامه لأبى الفضل بن المبارك . وتذكرة الشعراء لدولتشاه السمرقندى وجهار مقاله لنظامى عروضى السمر قندى وجوامع الحكايات لعوفى والعشرات من المؤلفات والمصنفات التاريخية مثل حبيب السير لخواندمير وروضة الصفا لميرخواند ( انظر مقدمة ترجمتى للجزء الرابع من هذا الكتاب ) وبدأ الأدب الفارسى يأخذ مكانه من جديد بعد الثورة الدستورية سنة 1906 وفى عهد الأسرة البهلوية وتنوعت المؤلفات وظهر عشرات الشعراء من كافة الاتجاهات وبدأت التيارات الفكرية والمدارس الحديثة تأخذ مكانها فى الأدب الفارسى خلال القرن العشرين .

ولم يتوقف الأدب الفارسى عن التطور والازدهار بعد قيام الثورة الإسلامية فى إيران 1979 بل أخذ الشعراء فى الالتزام بالمبادىء والقيم الإسلامية وظهرت إتجاهات جديدة وموضوعات متنوعة مثل موضوعات الثورة الإسلامية وموضوعات الحرب بالإضافة إلى نمو الشعر المذهبى والدينى .

إن الأدب الفارسى خلال العصور المختلفة تأثر بالأدب العربى تأثراً كبيراً واختلف هذا التأثير من عصر إلى آخر ، وتنوعت الموضوعات من عصر إلى آخر مع تنوع الشعراء .

ويعد الأدب الصوفى والأدب المذهبى من أشهر موضوعات الأدب الفارسى بالإضافة إلى أدب الحكاية على لسان الطير والحيوان وأدب الملاحم القومية والمذهبية .

وتأثر الأدب العربى بالأدب الفارسى فى موضوعاته وقوالبه ، حيث عرف العرب فن الرباعى والمثنوى والغزلية والترجيع بند وتأثروا بها ونظم بعضهم شعراً فى هذا القوالب .

كان كثيرا من شعراء الفرس والعرب فى العصر العباسى يعرفون اللغة الأخرى وبعضهم كان يقرض شعراً ويكتب باللغتين وقد عرفوا باسم أصحاب اللسانين ، كما كان الاتراك قد حملوا معهم تراث الفرس خلال سيطرتهم على المنطقة العربية وكان محمود سامى البارودى وأحمد شوقى يعرفان اللغة التركية والفارسية .وقد أسهم أساتذة اللغات الشرقية فى مصر فى تقديم الأدب الفارسى إذ ترجموا أمهات الكتب الفارسية مثل الشاهنامة والبوستان والكَلستان والمثنوى ومنطق الطير وتاريخ جهانكشا وطبقات اكبرى وروضة الصفا وزين الاخبار وتاريخ كزيده ، وقصص وروايات صادق جوبك وجلال آل أحمد وصادق هدايت وغيرهم من أدباء إيران .


ثالثاً : الأدب التركى

الاتراك قوم ينسبون إلى التورانيين هاجروا من وسط آسيا نحو الغرب ، وكانوا من المحاربين الأشداء .

ومن الطريف أن نعرف أن دولاً اسلامية قامت فى المشرق الإسلامى كان حكامها من الاتراك وهم الغزنويون والسامانيون وبنوبويه والسلاجقة والمغول والايلخانيون والتميوريون والافشاريون والزند والقاجاريون وجميعهم لم يستخدموا اللغة التركية بل استخدموا اللغة الفارسية وتعاملوا بها فى المراسلات الرسمية وكانت لغة الأدب .

وعلى الرغم من أن اللغة التركية كانت موجودة منذ القدم إلا أن اللغة التركية الاسلامية لم يكن لها أدب مكتوب إلا فى القرن السابع الهجرى ، وكانت بدايات هذا الأدب مع جلال الدين الرومى حين نظم بعض الأبيات بالتركية وجاء ابنه سلطان ولد ونظم بالتركية منظومة رباب نامه وجاء يونس امره فى القرن التاسع الهجرى بعدهم ، وكان أمياً إلا أنه نظم شعراً بالتركية أعجب النقاد والشعراء.

كان الصوفية وراء نشأة الشعر التركى وقد أرتبط المتصوفة بالبلاط العثمانى ولذلك أزدهر الأدب التركى لرعاية السلاطين له.

كان الشاعر عاشق باشا فى القرن التاسع الهجرى صوفياً وقد نظم منظومة غريب نامه أو معارف نامه، ومقدمة المنظومة بالفارسية وجاء فيها أنه قدمها إلى قومه ممن لا يعرف العربية ولا الفارسية.

وكانت المنظومة فى التصوف ، ولم تكن اللغة التركية قد استقر قرارها بعد ولذا جاءت مضطربة أحياناً.

وكان سليمان جلبى من بروصة شاعراً متصوفاً له منظومة مولد فى مدح الرسول صلى الله عليه وسلم وجاء بعده شيخى (متوفى 830 هـ ) وله خر نامه اى كتاب الحمار ، وترجم قصة خسرو وشيرين عن الفارسية ، وبعده الشاعر أحمدى وله ديوان واسكندر نامه ( كتاب الاسكندر).

كان تيمور لنك التركى المغولى محباً للأدب والأدباء ، وكان من شعراء التركية فى بلاط تيمورلنك الشاعر نيازى.

ومن المعروف أن شعراء التركية فى ذلك الوقت كانوا يجيدون الفارسية والعربية ولهم مؤلفات ومنظومات بهاتين اللغتين فكان الشاعر أحمد داعى شاعراً تركياً له بالفارسية والعربية عقود الجواهر وبالتركية أدب الرسائل.

كما كان صلاح الدين الكاتب وولداه محمد وأحمد من شعراء الاتراك العارفين بالعربية والفارسية، وكان لصلاح الدين منظومة الشمسية ولو لديه منظومة مغارب الزمان بالعربية ومترجمة نثراً بالتركية والدر المكنون والمحمدية.

بدأ الشعر التركى تعليمياً صوفياً لتعريف المريدين ثم صار مدحاً ونظماً للقصص والمدائح النبوية بالاضافة إلى الأدب الشعبى التركى الذى أخذ ينتشر فى الأناضول.

وكان سلاطين العثمانيين يحبون الشعر والأدب كذلك أهتموا به وكان محمد الفاتح شاعراً وتخلصه " عونى “ وله ديوان شعر صغير الحجم ، وقد عاصره شعراء اتراك امثال احمد باشا (متوفى 902 هـ ) وهو من فحول الشعراء له قصائد وغزليات كما كان سنان باشا الذى صار وزيراً لمحمد الفاتح شاعراً له رسائل بالتركية وكتاب التضرعات وتذكرة الأولياء.

وكان الأمير جم بن محمد الفاتح شاعراً له ديوان بالتركية وآخر بالفارسية، وقد عاصره الشاعر حمدى الذى نظم يوسف وزليخا وليلى والمجنون ومنظومة مولد نبى وتحفة العشاق ورسالة قيافت نامه أى كتاب الفراسة.

ومن الشعراء الاتراك المجيدين الشاعر نجاتى والشاعرة مهرى خاتون وكان بينها وبين نجاتى علاقة شعرية اذ كانت تنظم معارضات لغزلياته، وكانت تقرض الشعر على سجيتها، كما كانت الشاعرة زينب خاتون (متوفية 886 هـ ) لها ديوان شعر وغزليات مشهورة.

وجاء شعر مسيحى (متوفى 918 هـ ) جيداً ، وله ديوان شعر ورسائل عديدة كما كان كمال باشا زاده من الشعراء المعروفين فى عهد السلطان سليم الأول وقد ترجم كتاب النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة لابن تغربردى إلى التركية وله مثنوى يوسف وزليخا وديوان غزليات.

وكان عصر السلطان سليمان القانونى عصر ازدهار للأدب التركى فظهر شعراء وادباء، وتعددت المنظومات والمؤلفات وأنشأ السلطان سليمان القانونى منصباً لايعين فيه سوى الشعراء وهو منصب "شاهنامجى" ومهمته أن ينظم الحوادث التاريخية التركية .

وظهر فى عهده كتاب التذاكر امثال سهى بك (ت 955 هـ ) ولطيفى (ت 951 هـ ) وعاشق جلبى (ت 976 هـ ) واحمد عهدى وكان مهمتهم رصد حركة الأدب وتسجيل الشعراء والأدباء الأتراك على شاكلة كتاب التذاكر الفرس.

وكان لامعى (ت 5928 هـ ) من شعراء سليمان القانونى يماثل جامى الايرانى وله رسائل بالتركية والفارسية والعربية وقد ترجم عن الفارسية نفحات الأنس للجامى ونظم اويس ورامين وسلامان وأبسال وله منظومة فى مقتل الحسين ومنظومة شهرانكيز بروسه.

ويعد الشاعر ذاتى (ت 953 هـ ) وفضولى (ت 963 هـ ) ويحيى بك (ت 990 هـ ) من الشعراء الأتراك الذين تركوا تراثاً جيداً فقد ترك ذاتى ديواناً ونظم فضولى ديواناً له مقدمة بالفارسية وقصة ليلى والمجنون وساقى نامه وبنكًـ وباده (البنج والخمر ) احداهما بالفارسية والآخر بالتركية، وحديقة السعداء، اما يحيى بك فله ديوان شعر جيد بالتركية .

وخلال القرن الحادى عشر الهجرى ظهر شعراء أهمهم خاقانى (ت 1015 هـ ) ونفعى (ت 1041 هـ ) ويحيى افندى (1053 هـ ) وفهيم (ت 1054 هـ ).

وفى القرن الثانى عشر الهجرى واوائل الثالث عشر الهجرى ظهر من شعراء التركية نابى (ت 1124 هـ ) واحمد نديم (ت 1124 هـ ) وفطنت هانم (ت 1215 هـ ) وفاضل بك (ت 1224 هـ ) كانى (ت 1206 هـ )

وكانت ليلى خانم آخرشاعرات الترك فى الفترة السابقة لنشأة المدرسة الحديثة فى الأدب التركى .

ويلاحظ بشكل عام أن الأدب التركى قد ظهر متأخراً جداً عن الأدب الفارسى بل واستعان الأدباء الأتراك بالأدب الفارسى والأدب العربى واستفادوا من الأوزان والصور والأخيلة وألوان البيان والبديع.

ومن المؤكد أن الأدباء الأتراك كانوا يعرفون العربية والفارسية جيداً مما أتاح لهم فرصة الاطلاع على الآداب العربية والفارسية والاقتباس منها سواء فى اقتباس الموضوعات أو المعانى أو القوالب.

وجاءت منظومات شعراء التركية قائمة على موضوعات قديمة سبق أن نظم فيها شعراء الفرس مثل خسرو وشيرين ويوسف وزليخا وليلى والمجنون أوالنظم فى الموضوعات التعليمية خاصة فى التصوف الا أنه مما يجب الإشارة إلبه أن الآداب العربية والفارسية والتركية قد خضعت لمؤثرات عديدة كان أهمها الاسلام بقيمه وتراثه الضخم ، فليست قصة يوسف وزليخا إلاأخذاً عن القرآن الكريم مع شيوع الاقتباس والتضمين للآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة.

رابعاً : الأدب الأوردى

اللغة الأوردية هى اللغة التى ظهرت بسبب احتكاك المسلمين الفاتحين للهند مع اهالى البلاد من الهنود ، وكلمة (اوردو) تعنى المعسكر حيث ظهرت اللغة حول معسكر الجيش الاسلامى الفاتح واللغة الأوردية هى خليط من اللغة الفارسية والعربية والتركية والهندية وهى تكتب بالخط العربى وتتكون من اثنين وخمسين حرفاً.

كانت بداية ظهور اللغة الأوردية خلال القرن الخامس الهجرى إلا أنها لم تصبح لغة للأدب إلا فى القرن الحادى عشر الهجرى .

كان أمير خسرو دهلوى ومسعود سعد سلمان من اوائل الشعراء الذى استخدموا الأوردية فى أشعارهم وقد ترك مسعود سعد سلمان ثلاثة دواوين أحدهما بالعربية والثانى بالفارسية والثالث بالأوردية وقد بقى منهم الأخير فحسب.

كانت اللغة الفارسية هى اللغة الرسمية والأدبية ولغة الثقافة فى الهند منذ فتحها على يد الغزنويين حتى زوال حكم سلاطين المغول المسلمين فى القرن الثامن عشر الميلادى ولم تتخذ الأوردية لغة رسمية الا بعد قيام دولة باكستان سنة 1949 م إلى جانب اللغة الانجليزية ، مع أنها اللغة التى يتحدث بها المسلمون جميعاً فى الهند وباكستان مع اختلاف يسير فى لهجات الأقاليم.

من أوائل أدباء الأوردية شاه ميرانجى (ت 1496 م ) وهو من شعراء الشعر التعليمى فى مجال التعريف بالدين الاسلامى وله منظومتان بالارودية وهما شهادة الحقيقة وكتاب مرغوب القلوب ومعراج العاشقين وكان ابنه شاه برهان (ت 1582 م ) شاعرا له عشر منظومات ، ومن بعده ابنه أمين الدين علاء (ت1675م ) وله منظومات ورسائل فى التصوف والعرفان وكان الأدب الأوردى مزدهراً فى الدكن خاصة فى بلاط اسرة بهمنى وظهر شعراء فى الدكن كان منهم محمد قلى قطب شاه حاكم كلكنده وله ديوان به مائة ألفا بيت، وكذلك الشاعر وجهى وله منظومة قطب مشترى وقصة سبرس.

وعاش الشاعر غواص وتابى فى كلكنده بالدكن فى القرن السابع عشر الميلادى وخلفهما الشاعر خشنود وكمال خان ونصرتى فى بلاط عادل شاه وكان الشاعر شمس الدين ولى الله (ت 1741 م) من أشهر شعراء الأوردية وقد رحل من الدكن الى دهلى حيث أثر فى أدباء شمال الهند.

وكان الشاعر سراج الدين (ت 1763 م ) شاعراً له كليات منظومة بعنوان "بوستان خيال".

وفى دهلى عاصمة الهند عاش الشعراء تحت تأثير الأدب الفارسى وكانوا يحاكونه ، وقد برز شعراء أمثال نجم الدين شاه مبارك آبرو (ت 1747 م ) وظهور الدين حاتم (ت 1781 ) ومحمد رفيع سودا (ت 1780 م ) ومحمد تقى مير (ت 1810م)، ويعد سودا ومير من أشهر شعراء الأوردية فى دهلى.

ومن الشعراء الكبار فى الأوردية مير درد (ت 1785 م) ومحمد حسين كليم (1750 م ) وغلام حمدان وانشاء الله خان (ت 1871 م ) ويارخان رنكين (ت 1834 م ) وولى محمد نصير (ت 1830 م ) وفى القرن التاسع عشر الميلادى ظهر شعراء كبار فى الأوردية هم ذوق (ت 1854 م ) وأسد الله خان غالب (ت1869) ومحمد مؤمن خان (ت 1815 م ) وبهادر شاه ظفر (ت 1862 م ) ونسيم (ت 1864 م ).

إن الأدب الأوردي لم يحظ بالاهتمام الكافى نظراً لشيوع الفارسية واستخدامها كلغة رسمية فى البلاد ، على الرغم من أن سلاطين المغول المسلمين كانوا يشجعون الشعراء الذين ينظمون بالأوردية أو الفارسية.

لم يقف الأدب الأوردى عند حد نظم الشعر بل أمتد إلى الترجمة من الآداب الأخرى ، ونشطت حركة الترجمة فى عهـد السلطان جلال الدين اكبر

( انظر كتابى : الحياه الثقافية فى بلاط السلطان جلال الدين اكبر وكذلك الجزء الثالث من كتابى: "المسلمون فى الهند - نشر الهيئة العامة للكتاب" ) نشطت حركة الترجمة من الفارسية والعربية إلى الأوردية وقد أسهمت هذه الترجمة فى الاعتماد على اللغة الأوردية كلغة للتفاهم ولغة الأدب أيضاً.

وكان من أشهر الذين أثروا فى الأدب الأوردى أسد الله غالب والسير سيد أحمد ( ت 1898 م) وذلك بإنشائه للجمعيات الأدبية وإصداره صحيفة ، كما قام محمد حسين آزاد ( ت 1910 م ) بدور مماثل فى تنشيط الأدب الأوردى.

ويعد شبلى النعمانى ( ت1914 ) من أشهر أدباء الأوردية وله العديد من المؤلفات والترجمات والدراسات باللغة الأوردية وأهمها: شعر العجم وسفر نامه: مصر وروم وشام ، وله عدة دواوين شعرية ورسائل عديدة .

ومن أهم أدباء الأوردية نذير أحمد وسرشار وعبد الحليم شرر وهم من كتاب القصة .

ويأتى محمد اقبال الشاعر والفيلسوف ليعبر عن تزاوج الآداب الإسلامية حيث كتب بالأوردية والفارسية والعربية وله دواوين شعر ونال ما يستحقه من دراسة واهتمام عند العرب والفرس والهند .

الفروق الذاتية بين الآداب الإسلامية

لكل أدب ذاتية تميزه عن غيره من الآداب ولعل ذلك يرجع إلى طبيعة كل شعب ويرتبط بخصوصية المكان ، ومن هنا نجد ما يلى :

1- الأدب العربى يذخر بموضوعات الشجاعة والبطولة والمخاطرة والكرم والعزة ، وهى موضوعات لا يهتم بها الشعر الفارسى إلا فى الشاهنامات وتقل فى الأدب الأوردى.

2- يصور الشعر العربى أحوال المجتمع والأسرة وهو شعر ذاتى يعرض أحوال أفراد وهى أمور تتوارى فى الشعر الأوردى وتظهر فى الشعر الفارسى فى بعض العصور .

3- المرأة عند الشاعر العربى مجال عواطفه وأحاسيسه ، يتغزل فيها ويعرض مفاتنها، ولكن فى الشعر الفارسى نجد المعشوق يحل محل المرأة ويتجه العشق نحو التصوف والعرفان بينما لا يكون التغزل بامرأة إلا فى شعر الملاحم وقليل من المنظومات ، بينما يختلط الأمر على القارىء فى الغزليات حيث يتذبذب الرأى بين الحب البشرى والحب الإلهى.

4- تفوق الأدب الفارسى فى مجال التصوف والعرفان ، وتحولت قصص الحب إلى منظومات صوفية عرفانية .

5- فن المثنوى والرباعى والغزل قوالب تفوق بها الأدب الفارسى والأدب الأوردى على الأدب العربى .

6- أحسن الفرس والهنود تصوير الطبيعة تصويرا دقيقاً وتفوقوا فى وصف الأقطار والزهور والنيروز والربيع .

7- تفوق الأدب الفارسى والأوردى فى تصوير قصص الحب والعشق والتصوف .

ويبقى عنصر المشاركة بين الأدباء المسلمين سواء العرب أو الفرس أو الهنود أو الاتراك ، فالكل ينهل من منبع واحد ، ولعل الأدب الفارسى يكون أكثر الآداب تأثيراً على الأدب الأوردى والأدب التركى , كما أن الأثر العربى قد انتقل إلى هذين الأدبين عن طريق الأدب الفارسى أيضاً حيث استوعب أدباء الفرس الأدب العربى ونقلوه إلى أدباء التركية فى آسيا الصغرى ( تركيا حالياً ) وأدباء الأوردية فى الهند حين نزلوا ببلاط سلاطين المغول المسلمين.

] الفصل الرابع [

العلاقات المشتركة

بين الآداب الإسلاميـة

عندما تتوفر مجموعة من القواسم المشتركة بين عدد من الآداب العالمية ندرك أن هذه الآداب ترتبط فيما بينها بروابط قد تكون تاريخية أو حضارية أو جغرافية أو سياسية أو دينية فالآداب الأوربية فى مجموعها تخضع لموروثات عديدة ، ومن هنا نجد قواسم مشتركة بينها ، كما ترتبط الآداب الإسلامية مع اختلاف لغتها بموروثات متعددة ومن هنا نجد أن هناك خصائص مشتركة نابعة من كون المصدر المأخوذ منه واحد وهو الإسلام كقيمة دينية خلقية ومنهج وإطار حياة ونظرية فكرية وثقافية وأيديلوجية اقتصادية واجتماعية ، يضاف إلى ذلك أن الكتاب الذى ينهل منه الجميع كتاب واحد وثابت ومؤكد ومعروف وهو القرآن الكريم وعلى ضوء ذلك فإن الصلات التاريخية والثقافية والأدبية بين الآداب الإسلامية تتقارب وتتشابك ويضفى كل شعب عليها ما لديه من موروثات خاصة به .

من السهل واليسير أن ننظر فى أى أدب إسلامى ويمكننا أن نستخرج منه القيم الإسلامية والتأثيرات العربية والإسلامية عليه فكل الآداب الإسلامية يتوافر فيها :

أولاً : رواج الألفاظ العربية - سواء استخدمت هذه الآداب الحروف العربية أم لم تستخدمها ، يمكن بسهولة الوقوف على ألفاظ الزكاة والصوم والحج والجهاد والثواب والعقاب والحلال والحرام والجنة والنار والوالى والأمير والإمام والخليفة والقرآن والحديث والفقه ........ الخ

ثانياً : تقليد الأدب العربى سواء فى شعره أو نثره وذلك باستخدام الأوزان العربية والسير على نمط القصيدة العربية مثل الإسلام بل إن الشعراء غير العرب كانوا يفتخرون بمعرفتهم باللغة والآداب العربية ، وقد شاع ذلك عند الشعراء فى الأدب الفارسى والتركى والأوردى كما استفاد الأدباء من القصص القرآنى وأصبح القصص القرآني مثل يوسف وزليخا وقصة آدم عليه السلام وقصة نوح وإبراهيم عليهما السلام مادة للقصص الفارسى والتركى والأوردى كما كانت القصص العربية الشعبية والتى لم تكن منظومة أو مكتوبة مثل قصة ليلى والمجنون .

ثالثاً : التأثر بالقرآن الكريم حيث أصبح القرآن الكريم مادة للأدباء ينهلون منه سواء بالاقتباس أو التضمين.

رابعاً : التأثر بالأحاديث النبوية الشريفة حيث أخذ الأدباء فى تضمين الأحاديث النبوية فى كتاباتهم ومنظوماتهم .

خامساً : تضمين الأمثال العربية فقد تأثر الأدباء المسلمون بالأمثال العربية والتى كانت رائجة فى البيئة وضمنوها فى كتاباتهم .

سادساً : التأثر بالأدب العربي سواء بترجمة الشعر العربى أو تضمين شطرات أو أبيات عربية أو تضمين معانى الشعر العربى أو تضمين مصاريع عربية فيما عرف بشعر الملمح وهو فن يتكون من المزاوجة بين أكثر من أدب إسلامى .

ويمكن أن نركز على بعض هذه العلائق لنبرز هذه القواسم والخصائص المشتركة ، ولا يعنى ذلك تجاهلنا للأخرى لنقص أو عيب ولكن لأنها ستعرض فى موضع آخر عند عقد المقارنات فى الجزء التطبيقى من دراستنا عن الأدب الإسلامى المقارن .

المورث الدينى

كان المورث الدينى ممثلاً فى القرآن الكريم والحديث النبوى وقصص الصحابة وبطولاتهم فى مواجه أهل الشرك والكفر سواء فى مكة والمدينة المنورة أو فى الغزوات أو فى الفتوحات الإسلامية ، وكان الإمام على بن أبى طالب أشهر من ذاعت عنه قصص البطولة الإسلامية.

تأثر الشعراء والأدباء المسلمون بالحديث النبوى والقرآن الكريم فى لغته وأدبه وقصصه وضمنوا آياته سواء بالاقتباس أو التضمين ونقل المعنى ويمكن أن نجد ذلك جلياً عند شعراء التصوف من الفرس والأتراك والهنود ، وتكثر الآيات القرآنية والقصص القرآنى عند شعراء الصوفية أمثال سنائى الغزنوى وجلال الدين الرومى وعبد الرحمن الجامى وفريد الدين العطار، كما نلحظها فى أشعار محمد إقبال وحافظ الشيرازى وسعدى الشيرازى .

والاقتباس من القرآن الكريم يأتى على أنواع :

- تضمين آيات قرآنية كقول سنائى الغزنوى:

" جاء الأمر فى القرآن أن " اهبطوا " فأقرأ جوابه "ربنا ظلمنا" " والوفاء بالأمر " يوم نطوى السماء وبداية الشفاء " يوم لا تملك".

وهى بالفارسية :

اهبطوا أمر آمد ازقــرآن \ ياسخش ربنا ظلمنا خوان

يوم نطوى السماء بريد وفا \ يوم لا تملك ابتداى شفا

وهنا نجد تضمينا لقوله تعالى " قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو، ولكم فى الأرض مستقر ومتاع إلى حين " ( الأعراف 24) وقوله تعالى " قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين" ( الأعراف 23 ) وقوله تعالى" يوم نطوى السماء كطى السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين" ( الأنبياء 104 ) وقوله تعالى "يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله"

ومن حكَايات الكلستان لسعدى قصة ملك أراد قتل اسير لأنه سبه فسأل الملك ماذا يقول؟ فأجابه أحد